للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[حكم الدعاء على النفس بالموت إن كان من سكان الفردوس]

[السُّؤَالُ]

ـ[ربما تستغربون من سؤالي لکم، ولکني أريد أن أعرف هل أرتکبت محرما بدعائي هذا، لأنني مررت ومازلت آمر بوقت عصيب وربما أسوأ من هذا الوقت لن يمر، فعندما کنت أصلي أو بعد انتهاء الصلاة کنت أدعو الله بهذا الدعاء: اللهم إنك تعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن کنت تعلم أني من سکان الفردوس الأعلي فأمتني من ليلتي هذه، وإن کنت تعلم أني من سکان الأخري فأحيني حتى أصبح من سکان الجنة.

سيدي المفتي يرجي عدم إحالتي لفتوي أخري وإنما بيان هل هذا الدعاء محرم أم لا؟

ولکم جزيل الشکر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد جانبك الصواب في دعائك بموتك في ليلتك إن كنت من سكان الفردوس، لأنه حتى وإن كنت منهم، فما المانع من أن تعيشي وتزدادي من الحسنات؟!

ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد، وإما مسيئا فلعله يستعتب. يستعتب: يسترضي الله.

وفي رواية مسلم: لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل أن يأتيه، إنه إذا مات أحدكم انقطع عمله، وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا.

وفي سنن الترمذي ومسند أحمد عن عبد الله بن بسر أن أعرابيا قال: يا رسول الله من خير الناس؟ قال: من طال عمره وحسن عمله. قال الترمذي: حديث حسن غريب. وصححه الألباني.

فتمني الموت والدعاء به مكروه؛ للنهي عنه، إلا لخوف الفتنة.

قال في المجموع: ويكره تمني الموت لضر في بدنه أو ضيق في دنياه ونحو ذلك؛ للحديث المذكور، ولا يكره لخوف فتنة في دينه، ذكره البغوي في شرح السنة وآخرون، وهو ظاهر مفهوم من حديث أنس المذكور، وقد جاء عن كثيرين من السلف تمني الموت للخوف على دينه. انتهى.

وقوله: حديث أنس المذكور. يقصد به ما رواه البخاري ومسلم عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه فإن كان لا بد فاعلا فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي. متفق عليه. وانظر الفتوى رقم: ٣١٧٨١.

فالصواب أن تدعو بما علمنا النبي عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث.

ونلفت نظر الأخت الكريمة إلى أن الفردوس الأعلى ليس هو كل الجنة، وإنما هو أعلى الجنة وأفضلها، وإنما هي جنان في جنة. ففي صحيح البخاري: فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة.

نسأل الله أن يجعلنا من أهل الفردوس.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ جمادي الثانية ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>