للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[الحكمة من نفي النبي صلى الله عليه وسلم الخلة عن أبي بكر]

[السُّؤَالُ]

ـ[الخليل في اللغة العربية يعني الصاحب والمحب والمقرب ... إلخ، وكل هذه الصفات تنطبق على سيدنا أبي بكر الصديق فهو الصاحب والمحب والمقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويشهد بذلك القرآن الكريم (إذ يقول لصاحبه) وواقع السيرة العطرة.... السؤال: إذا عرفنا المراد بالخلة فيما سبق من معاني؛ فما الحكمة من نفي الرسول صلى الله عليه وسلم الخلة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد نقل النووي عن القاضي عياض: أن أصل الخلة الافتقار والانقطاع فخليل الله المنقطع إليه وقيل لقصره حاجته على الله تعالى وقيل الخلة الاختصاص وقيل الاصطفاء وسمي إبراهيم خليلاً لأنه والى في الله تعالى وعادى فيه، وقيل سمي به لأنه تخلق بخلال حسنة وأخلاق كريمة وخلة الله تعالى له نصره وجعله إماماً لمن بعده، وقال ابن فورك الخلة صفاء المودة بتخلل الأسرار وقيل أصلها المحبة ومعناه الإسعاف والإلطاف، وقيل الخليل من لا يتسع قلبه لغير خليله، ومعنى الحديث أن حب الله تعالى لم يبق في قلبه موضعاً لغيره. انتهى.

وقال المناوي في فيض القدير في شرح حديث البخاري: لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً دون ربي لاتخذت أبا بكر خليلاً. قال: (لو كنت متخذاً من أمتي) أمة الإجابة (خليلاً دون ربي) أرجع إليه في حاجاتي وأعتمد عليه في مهماتي (لاتخذت أبا بكر) ، لكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه إنما هو الله، والخليل الصاحب الواد الذي يفتقر إليه ويعتمد عليه، وأصل التركيب للحاجة، والمعنى لو كنت متخذاً من الخلق خليلاً أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر، لكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور ومجامع الأحوال هو الله، وإنما سمي إبراهيم خليلاً من الخلة بالفتح هي الخصلة فإنه تخلل بخلال حسنة اختصت به أو من التخلل فإن الحب تخلل شغاف قلبه فاستولى عليه أو من الخلة من حيث إنه عليه السلام ما كان يفتقر حال الافتقار إلا إليه ولا يتوكل إلا عليه فيكون فعيلاً بمعنى فاعل وهو في الحديث بمعنى مفعول. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٥ صفر ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>