للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوكل على الله تعالى والأخذ بأسباب العيش]

[السُّؤَالُ]

ـ[جزاكم الله خير الجزاء على ما تقومون به من نشر دين الله عز وجل وتبيينه للناس على طريقة أهل السلف.

كيف الجمع بين الخوف من مشاغل الدنيا وما يحدث فيها، وبين الثقة والتوكل على الله عز وجل؟

أرجو الإفادة. وجزاكم الله خيرًا، وأسألكم الدعاء لأني في طريقي إلى الزواج، وأرجو من الله أن يشرح قلبي لزوجتي وقلبها لي. إنه ولي ذلك والقادر عليه.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأخذ بأسباب العيش وترتيب الأمور في المستقبل لا ينافي التوكل الذي هو عمل القلب، فمع شغل الجوارح بعملها ينشغل القلب بالاعتماد على الله، حيث يعلم أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأنه وحده الذي بيده الخلق والأمر، والنفع والضر، والعطاء والمنع، فلا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع، ولا حول ولا قوة إلا به.

فإن استقرت هذه المعاني في القلب لم يضر صاحبها أن يشغل جوارحه بأعمالها. وعندئذ تحصل الطمأنينة والسكينة ركونا إلى الله وثقة به وتوكلا عليه ورجاء فيه.

وفي الصحيحين عن عمر: أن أموال بني النضير كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدةً في سبيل الله.

قال ابن مفلح في (الآداب الشرعية) : فيه جواز ادخار قوت سنة، ولا يقال هذا من طول الأمل، لأن الإعداد للحاجة مستحسن شرعاً وعقلاً، وقد استأجر شعيب موسى عليهما السلام، وفي هذا رد على جهلة المتزهدين في إخراجهم من يفعل هذا عن التوكل. اهـ.

وقد سبق لنا بيان العلاقة بين تحقيق الإيمان وحصول آثاره من راحة القلب وطمأنينة الصدر وطيب النفس وصلاح البال، في الفتوى رقم: ١١٧٩٩٧. فراجعها للأهمية.

كما سبق أيضا بيان ماهية التوكل الحقيقي وأن الأخذ بالأسباب لا ينافيه، في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ١٨٧٨٤، ٢٣٨٦٧، ٤٤٨٢٤، ١١٤٨٢٧.

وسبق كذلك ذكر نصائح فيما يعين على الخوف من الله وعدم خوف غيره، وبيان أن الخوف من المستقبل قدح في التوكل، في الفتويين رقم: ٦٦١٠٩، ٣٥٠٨.

ونسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة الناصحة، وأن يجمع بينكما في خير.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>