للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[من كمال وجميل الأدب في الدعاء]

[السُّؤَالُ]

ـ[قمت بالاشتراك في أحد المواقع الإسلامية.. والمشرف القائم على هذا الموقع حافظ قرآن كريم وذو أخلاق عالية ويراعي الله تعالى في كل شئ.. والسؤال هنا هل أدعو في صلوات أن يجعله الله تعالى زوجا لي.. وكيف أدعو؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فلا مانع من هذا الدعاء كما تقدم في الفتوى رقم: ٧٦١٧، والأولى أن يقيد هذا الدعاء بقول الداعي: إن كان خيرًا فيسره لي وإن كان شراًّ فاصرفه عني.

لأن العبد لا يعلم أين الخير، وفيه كمال الأدب مع الله تعالى، وتفويض الأمر إليه سبحانه؛ لأن الله عز وجل يعلم ما يصلح عباده، وقد يصر العبد على ربه في طلب حاجة من حوائج الدنيا فيعطاها فيكون فيها شقاؤه، ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين. أخرجه النسائي والبزار.

قال ابن القيم في طريق الهجرتين ١/٣٢٥: فأول ما يجري على لسانه - أي بعد استيقاظ المؤمن من نومه - ذكر محبوبه والتوجه إليه واستعطافه والتملق بين يديه، والاستعانة به أن لا يخلي بينه وبين نفسه وأن لا يكله إليها فيكله إلى ضعة وعجز وذنب وخطيئة، بل يكلؤه كلاءة الوليد الذي لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا ولا موتًا ولا حياةً ولا نشوراً. انتهى.

ومن جميل تفويض الأمر إلى الله تعالى من نبينا المختار صلى الله عليه وسلم ما في الصحيحين: أنه لما رأى عائشة رضي الله عنها في المنام مرتين - ورؤيا الأنبياء حق - وقيل له في منامه: هذه امرأتك، فقال صلى الله عليه وسلم: إن يكن هذا من عند الله يمضه.

فعلى العباد جميعاً - وخاصة النساء لضعفهنَّ وقلة خبرتهن في الحياة وسرعة تعلقهنَّ ولو بكلمة أو موقف - أن يفوضوا أمورهم إلى بارئهم، كما قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرًا إياه: وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ [الأعراف:١٨٨] .

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم التي تشمل خير الدنيا والآخرة: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. رواه البخاري من حديث أنس رضي الله عنه.

ولتعلمي أن هذا التعلق الذي صار منك تعلق مذموم، والمؤمنة السعيدة في الدنيا والآخرة هي التي لا تسمح لنفسها أن تتعلق بأحد - بعد الله تعالى - إلا بزوجها الذي أحله الله لها.

وراجعي الفتاوى التالية: ٣٥٧٠، ٤٢٢٠، ٥٧١٤

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ ذو الحجة ١٤٢٣

<<  <  ج: ص:  >  >>