للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المضارب لا يملك ما بيده]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد عرض علي أحد الأخوة أن نشترك معا في محل تجاري وأوضحت له عدم استطاعتي من الناحية المالية وأن المحل يحتاج إلى مبلغ يصل إلى سبعمائة ألف ريال ولكنه أبدى استعداده أن يقوم بدفع رأس المال المطلوب وأنا بمجهودي وتكون الشراكة بيننا نصفين ودفع بالفعل الدفعة الأولى مبلغ ٢٠٠ ألف ريال بشيك وقعت له بالاستلام على صورة الشيك وذكرت أنها سلفة حتى يطمأن قلبه وعلى الفور قمت بتجهيز المكان ودفع نقل قدم ودفع إيجارات المحل والورشة وعمل الديكورات اللازمة وغيرها ولم تمض غير فترة قصيرة حتى طلب فض الشراكة في الوقت الذي لم يبدأ العمل من جهة ومن جهة أخرى صرفنا فيه ما يقرب من ثلاثة أرباع المبلغ المدفوع في التأسيس.

أرجو من فضيلتكم إفتائي بما يجب علي شرعا نحو شريكي فأنا لا أريد إلا الحق؟

وجزاكم الله خيراً.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الصورة المذكورة للشركة هي صورة مضاربة، لأن رأس المال من طرف والعمل من طرف آخر. والأصل في شركة المضاربة أن صاحب العمل لا يضمن رأس المال، فإن ضمنه فسد العقد وبطلت الشركة.

وبناء عليه، فإذا كان توقيعك على الشيك وذكرك أنه سلفة من هذا الباب فالشركة باطلة من أصلها، لأن المضارب لا يملك ما بيده وإنما يتصرف فيه كوكيل عن صاحب رأس المال، فإذا ربح المال يقسم بينهما الربح بحسب ما اتفقا عليه، وإن خسرا فيتحمل صاحب المال الخسارة المالية، ويتحمل العامل ضياع جهده وعمله ولا ضمان عليه، كما ذكرنا فهذه هي المضاربة الصحيحة.

وأما إذا كان توقيعك على الشيك لا تقصدان منه ضماناً ولا أنه سلفة حقيقية وإنما هو حبر على ورق، فالشركة مضاربة صحيحة، والأصل أنها جائزة غير لازمة، يستحق كل طرف فسخها متى ما أراد ما لم يكن في ذلك ضرر بالغ على الطرف الثاني، فإن كان فله منع فسخها حتى ينفض رأس المال ويصير نقودا كما قال الأنصاري في أسنى المطالب، وابن رجب في قواعده، والكاساني في بدائعه.

مع العلم بأن صاحب العمل لا يضمن إلا في حالات بيناها في الفتوى رقم: ١٣٤١٢.

وعند حصول النزاع بينكما فينبغي أن ترفع المسألة إلى المحاكم الشرعية لتبت فيها وتحسم النزاع وتعطي كل ذي حق حقه.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٠٥ جمادي الأولى ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>