للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[ثراء بعض الأولاد وسوء علاقتهم بوالدهم لا يسقط حقهم في التركة.]

[السُّؤَالُ]

ـ[لقد قام أبي في البداية بكتابة بعض من تركته بيعا وشراء لزوجته الثانية، مع العلم بأن أمي مطلقة، وبعد ذلك عندما أراد أحد الإخوة بناء منزل تدخلت أنا لدى أبي وزوجته قصد تمكينه من قطعة أرض، وفعلا تم ذلك مقابل مبلغ رمزي وقامت زوجة أبي بنفس العملية معي أنا ومع بقية إخوتي ما عدا إخوتي البنات وأخي الأكبر، وبعد ذلك قام أبي بتغيير حسابه البنكي باسم زوجته مع تمكينه هو من توكيل ليستطيع سحب بعض الأموال عند الحاجة، ثم وبعد أن فاق أبي الثمانين سنة قام بإبرام عقد بيع في ما تبقى من التركة لي أنا وزوجته الثانية فقط بدون مقابل مع العلم وأني بقيت لمدة سنتين وأنا أرفض ما طلبه مني وفي كل مرة أزوره فيها أخترع له سببا ما، وفي الأخير قال لي وبصريح العبارة أني لن أرضى عنك ولن أسامحك إن لم تقبل ذلك وأن هذه المرأة هي أمانة في رقبتك فإن حدث لها شيء ما فلن أسامحك أبداً، وعندما علم إخوتي بالأمر اتصلوا بوالدي وقالوا له لماذا حرمتنا نحن أعطيته هو فقط, فأجابهم بأن الرزق تحصل عليه بعد أن أفنى عمره في العمل والآن له الحرية الكاملة في أن يهبه لمن يريد وقال لهم أنا اخترت أخاكم هذا لأنه أقل منكم مالا وأكثركم ولدا وهو أكثركم حاجة للمال وأما بخصوص البنات فإنه سيمكنهم من بعض المال، مع العلم بأن إخوتي أثرياء وعلاقتهم مع والدي سيئة جدا فهم لا يزورونه ولا يسألون عن أحواله ... لآخره، فهل يجوز ذلك شرعا؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالذي يفهم من السؤال هو أن ما قام به الأب من كتابة بعض من تركته بيعاً وشراء لزوجته الثانية، وما تم من تمكين الأخ من قطعة أرض للبناء مقابل مبلغ رمزي، وما قامت به زوجة أبيك معك ومع بقية إخوتك ما عدا الإناث والأخ الأكبر ... تعتبر عقوداً صورية، يراد منها الاختصاص ببعض من تركة الأب قبل موته دون بقية الورثة، وقد بينا من قبل أن ذلك لا يجوز لأنه حرمان لبعض الورثة من حقهم، وإيثار لبعض الأولاد على بعض، ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: ٦٥٥٠٢ والفتاوى التي أحالت عليها.

ومثل هذا أيضاً ما ذكرته من أن أباك قام به من إبرام عقد بيع في ما تبقى من التركة لك أنت ولزوجته الثانية فقط بدون مقابل، وتزداد الصورة الأخيرة بعداً بكون الأب قد فعلها في زمن يغلب على الظن أنه صار محجوراً عليه فيه، ولا يبرر قبولها ما ذكرته من أنك بقيت لمدة سنتين وأنت ترفض ما طلبه منك، ولا أنه قال لك: إنك إن لم تقبلها لن يرضى عنك ولن يسامحك ... لكن ما ذكرته من أنك أقل مالاً من إخوتك، وأكثر منهم ولداً، وأشد منهم احتياجاً ... قد يكون فيه تبرير لمثل هذه الهبة إذا كان الأب قد فعلها في زمن يصح فيه تصرفه في المال، بأن كان رشيداً ولم يبلغ سن الهرم، وأما ما ذكرته من ثراء إخوتك وسوء علاقتهم مع والدك فإنه لا يسقط حقهم في التركة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٦ ربيع الأول ١٤٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>