للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المشعوذون يتبادلون الخدمات والاحتيال فيما بينهم للخداع]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا شاب عندي ٢٢ سنه وحاصل على مؤهل عال ودائما أصلى فى المسجد والحمد لله وأخلاقى حسنة، ولكن ما حدث مؤخرا كان الطامة الكبرى (لنا بيت في قريتنا وفيلا في المزرعة التي تبعد عنا حوالي ساعة وجاء رجل وقال إن صاحب هذه المزرعة عنده بنت ومعمول لها عمل، وقال إن هذه الفيلا تحتها بسبعة أمتار يوجد مقبرة، وبها أموال وذهب وعرض فك العمل واستخراج الذهب فوافق والدي فى ظل اعتراضي وذكري لهم الحديث الشريف من ذهب إلى عراف أو كاهن فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد ولكن لم يجد ذلك وعمل جلسة وقد حضرت جزءاً من الجلسة لأنني كنت أحضر له النار التي يشعل بها البخور بأمر من والدي وقد لاحظ هذا الرجل استهتاري بما يفعل وقال لي أعلم أنك غير مصدق في ظل نفور أبي مني لأنني عاندت هذا الرجل وبدأ موضوع استخراج الذهب وأحضر بخورا ومرة يقرأ قرآنا وفي وسطه تمتمة غريبة لا أفهمها وهكذا عدة أيام، وللعلم أبي كان مشغولا في هذه الأثناء وحضرت أنا فقط هذا كله وكان أبى يحضر بعد الظهر وفي يوم من هذه الأيام دخلت عليهم بالشاي في ظل حضور أبى وأخي وثلاثة رجال أعرفهم من خلال هذا الموقف فقط وقال لي ذلك الرجل أجلس أنت كنت في الكليه تعاني من النسيان وتعاني من ضيق وزهق دائما وهذه فعلا حقيقه لا يعلمها أحد إلا أسرتي، وبالفعل نجح في كبح جماح رفضي فقال لي أغمض عينيك وقل كما أقول فرددت بلا وعي أستعين بالله وبكم أن تخلصوني من هذه الجنية الموكلة بي وبعض أشياء أخرى ثم أعطاني حجابا، وقال لي أحرق هذا الآن وتبخر به ففعلت ثم أعطاني ورقة مكتوب فيها أن أقرأ سورة نوح ثلاث مرات وأن أحضر ورق خروع وأتبخر به وانتهى الموقف وركبت السياره مع أخي وأبي لنعود إلى القرية وكنت جالسا في الكرسي الخلفي والحسره تقطع أمعائي يا ويلي، ماذا قلت الآن لقد أشركت بالله وكأن أخى أحس بما يدور في رأسي وقال كيف قلت هذه الكلمه فقلت له لم أع ماذا كنت أقول لم أحس بها إلا بعد انتهاء الموقف، ولكني بمجرد وصولي إلى البيت خلعت ملابسي واغتسلت غسل التوبة ثم صليت ركعتين بنية التوبه، عما فعلت واستغفرت الله ثم ذهبت لتأدية صلاة المغرب وعند رجوعي سألني أبي هل أحضرت ورق الخروع فقلت لا لأنني لن أفعل ما قاله ذلك الرجل وبعد عدة أيام، أمر بالحفر فيه وقام الناس بالحفر لعمق ٧ متر ولم يجدوا شيئا، ولكن لم نسلم من إبليس فبعد أسبوع واحد فقط جاء رجل وقال أريد أن أشتري الفيلا بسعر مغر فوافق أبي على الفور وغاب فترة وعاد قائلا إن هناك سرا لا بد أن نعرفه، كما أخبره الجن أن هناك ذهبا تحت الفيلا ولن يستطيع استخراجه إلا بمعرفتنا وأن نأخذ نصيبنا منه فوقع الخبر علي كالصدمه وبدأت أغير تفكيري لأن ذلك لا يحدث أبدا في ظل سرور أبي وفي يوم بعد رجوعي من صلاة العصر فوجئت بأبي يقول لي ستذهب الآن مع هذا الرجل لتخدمه أثناء عمله في الفيلا لاستخراج الذهب (أعمل له أكل وشرب ولا يشك به أحد) ، ووافقت على عدم رضا داخلي لأنني كنت مع خلاف مع أبي فى هذه الفتره ليس لأنني عاق، ولكن لأنه كان دائما يستهزئ بي وبتفكيري المبني على أسس دينية من قرآن وسنة المهم ذهبت إلى الفيلا مع هذا الرجل وكان لدي حب استطلاع عن ماذا سيفعل هذا الرجل لأرى النتيجة وبدا يقول لي لا تشغل قرآن في التليفزيون وشغل أغاني فاستجبت ودخل غرفة وحملت معه إلى داخلها ترابيزة سفرة ووجدت معه صلبان (على الرغم من أنه مسلم) ثم كتب طلاسم على زجاج هذه الترابيزه ثم جلس والغرفة مظلمة تماما ثم خرج وقال: أنهم مبسوطون به جدا وأنهم جالسون خلف البيت الآن وكان ذلك ليلا (والجو شديد الظلمة) ، فقلت أريد أن أراهم وكان ذلك تحديا له، فقال اذهب للخلف لكي يروك وسيأتونك ليلا فقمت والخوف يدب في أعماقي وأثناء ذهابي بدأت أذكر الله واقرا آيه الكرسي لكي أهدأ ووقفت قليلا هناك في هذا الظلام الكادح ثم رجعت وقلت له لم أر شيئا ثم ذهبت للنوم واستعنت بكل ما أملك من سنن سيدنا رسول الله عند النوم، ولكنى كنت أقوم مفزوعا كل فتره من الوقت وعندما جاء أبي فى اليوم التالي قلت له إنني لن أجلس مع هذا الكافر وأخبرته بالصلبان وبالكتابات الغريبة وأنني مصمم على عدم البقاء، فقال لي إنني لا أكمل فى أي موضوع مع بعض النظرات الغاضبة مني، فقلت له لو استمررنا في ذلك سنكون كفرة مثله فقال لي وبنفس الحرف نكفر أسبوع ثم نعود وصلت إلى القرية مشمئزا مما حدث واستجابتي لأبى للذهاب مع هذا الكافر لأن أبي كان مبهورا بهذا الكافر ثم حدثت ظروف أدت لخروجه من الفيلا واستمر في وعوده وكان أبي مستمرا في تصديقه، والسؤال الآن هل أنا أشركت بالله أو خرجت من ملة الإسلام؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن من الواضح أنه لا يخفى أن هؤلاء الذين أخبروا والدك بخبر الذهب مشعوذون يتعاملون مع الجان وأنه لا يجوز تصديقهم ولا التعامل معهم، كما أن الظاهر أنهم محتالون يتبادلون الخدمات فالذي جاء لشراء الفيلا لا يستبعد أن يكون مدسوساً من طرف المشعوذ الأول.

وأما ما حصل منك من المشي معهم وإعانتهم وخدمتهم فهو ذنب عظيم وما كان لك أن تطيع والدك فيه، بل كان الواجب أن تنهاه بالحكمة عن منكر التعامل مع هؤلاء، وأن تسعى في إقناعه بما أمكن من الحوار المؤدب، وإسماعه كلام أهل العلم في الموضوع وهو موجود في كتبهم ومحاضراتهم المسجلة، ومن ذلك شروح كتاب التوحيد وكتب الشيخ وحيد عبد السلام بالي.

وأعظم من هذا ما حصل منك من الاستجابة لهذا الرجل في ترديد أستعين بالله وبكم أن تخلصوني من هذه الجنية إذا كان حصل منك وأنت تعقل ما تقول؛ إذ في هذا استعانة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه وهي شرك إضافة إلى تصديق هذا المشعوذ والعمل برقاه الشركية لأن التمتمة بما لا يفهم معناه من الرقى الشركية، فعليك بصدق التوبة إلى الله مما حصل، واسع في كسب الرزق بالأسباب المشروعة واقنع أهلك بذلك، ونشير بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية لمعرفة المزيد من التفصيل في الموضوع: ١٠٥٧٨، ٥٤٠٠٢، ٢٥٢٤٣، ١٣٧٧٤، ٦٣٤٧، ٣٥٠٠٢، ٤٣١٠.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٢ رمضان ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>