للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تأثير السحر لا يتم إلا بإذن الله]

[السُّؤَالُ]

ـ[ما مدى تأثير السحر والعين في حياة الإنسان، وهل يحول السحر دون ما قدره الله للإنسان، وهل يستمر تأثير السحر مدى الحياة؟ جزاكم الله كل خير.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمما ينبغي أن يعلم أولاً أن كل ما يجري في هذا الكون إنما هو بتقدير من الله تعالى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، قال الله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر:٤٩} ، فيعيش المؤمن بهذه العقيدة شجاعاً واثقاً بأن الله تعالى مقدر الأرزاق والآجال، مستحضراً قوله سبحانه: قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلَاّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ {التوبة:٥١} .

ولكن من حكمة الله تعالى أنه جعل للسحر تأثيراً بإذن منه سبحانه لأنه لا يقع في ملكه غير ما يريد، ولا يكون إلا ما قدر، وتقدير الفعل وإرادته لا يستلزم رضاه عنه، فقد وقع الكفر من كثير من الناس، ولكن الله لا يحب الكفر ولا يرضاه لخلقه، وقد دل على ذلك القرآن، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قوله تعالى: وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَاّ بِإِذْنِ اللهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ {البقرة:١٠٢} ، وفي هذا دليل دامغ على أن تأثير السحر إنما هو بأمر الله تعالى، وأنه لا يحول دون ما قدره الله في شيء.

وقال حافظ بن أحمد الحكمي -رحمه الله- في سلم الوصول:

والسحر حق وله تأثير * لكن بما قدره القدير

أعني بذا التقدير ما قد قدره * في الكون لا في الشرعة المطهرة

وللسحر علامات وعلاجات، أما علاماته فقد ذكرنا طرفاً منها في الفتوى رقم: ١٣١٩٩.

وأما كيفية إبطاله والتخلص منه، فقد سبق التفصيل في الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢١١٠٢، ٣٠٥٥٦، ٢٦٤٠٠، ٥٠٢، ٥٦٨٩، ٥٢٥٢، ٥٨٥٦.

ومشروعية علاج السحر دليل على إمكانية إزالته وعدم استمراره، فما من داء إلا وقد خلق الله له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، ولمعرفة أعراض الحسد راجع الفتوى رقم: ٧٩٧٠، ولمعرفة العلاج الشرعي للحسد راجع الفتوى رقم: ٣٢٧٣.

علماً بأن تأثير السحر والحسد في حياة الإنسان يشمل جوانب كثيرة؛ منها: القلق والوسوسة والنسيان والأمراض والمنامات المفزعة والتفريق بين المرء وزوجه، كما بينا في الفتاوى التي أشرنا إليها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٨ ذو القعدة ١٤٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>