للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[نكاح الزناة محرم قبل التوبة]

[السُّؤَالُ]

ـ[بسم الله الرحمان الرحيم، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه وسلم ما معنى قوله تعالى: (الزّاني لا ينكح الاّ زانية) إلخ]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف المفسرون في تأويل قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلاّ زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) . [النور: ٣] .

فقيل إنها منسوخة، وقيل: إنها خاصة في رجل من المسلمين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح امرأة من البغايا.

وأصح الأقوال - والله أعلم - ما جاء عن ابن عباس بسند صحيح أنه قال: ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلاّ زان أو مشرك. وهذا مروي أيضاً عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغيرهم.

وبيانه كما يقول ابن كثير في تفسيره: هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلاّ زانية أو مشركة، أي لا يطاوعه على مراده من الزنا إلاّ زانية عاصية، أو مشركة لا ترى حرمة ذلك، وكذلك: (الزانية لا ينكحها إلاّ زان) أي عاص بزناه، (أو مشرك) : لا يعتقد تحريمه. انتهى.

وإن أريد بالنكاح هنا العقد، فالمعنى كما يقول ابن العربي (أن متزوج الزانية التي قد زنت ودخل بها ولم يستبرئها يكون بمنزلة الزاني) .

فالمعنى أن من تزوج بزانية فهو زان، وذلك أنه لا ينكح الزانية إلاّ وهو راض بزناها، وإنما يرضى بذلك إذا كان هو أيضاً يزني.

فإذا تاب الزاني، جاز له أن ينكح العفيفة، وكذلك الزانية إذا تابت جاز للعفيف أن ينكحها، وقد سأل رجل ابن عباس فقال: إني كنت ألم بامرأة آتي منها ما حرم الله عزوجل عليّ، فرزقني الله عزوجل من ذلك توبة، فأردت أن أتزوجها فقال أناس: إن الزاني لا ينكح إلاّ زانية أو مشركة، فقال ابن عباس: ليس هذا في هذا، انكحها فما كان من إثم فعلي. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢٧ ربيع الأول ١٤٢٢

<<  <  ج: ص:  >  >>