للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[لا تفرط في دينك وتضيعه حفاظا على دنيا غيرك]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا تعرفت على فتاة عن طريق النت، وقد أحبتني ولم أرها وهي رأتني، ولكن سمعت صوتها، وعندما شعرت أنها تعلقت بي حاولت الانسحاب بلطف، وأصبحت أتصرف بتصرفات مزعجة كي تكرهني لأنني أدركت أن النهاية مسدودة. فهي تبعد عني بالطائرة مسافة ٨ ساعات. فعندما شعرت هي بالابتعاد أصبحت تهددني بأنها سوف تنتحر، فلم آخذ الموضوع بكل جدية حتى ذلك اليوم من حوالي ٣ أشهر أخذت كمية من الدواء بنية الانتحار لأنني لم أكلمها، وقد اتصلت بأحد أقاربها بأن يقوم بنجدتها إلى المشفى، وفعلا ذهبت إلى المشفى، ومن ثم أصبحت أعمل على مراضاتها كي لاتقع في نفس المشكلة، وقررت أن أنسحب بالتراضي، فأصبحت آتي بالأحاديث النبوية الشريفة، وبالأحداث المشابهة عن الانتحار وماشابه ذلك وأنه حرام في الإسلام إزهاق الروح، ومن ثم حدثت في بلدي حادثة وفاة لأحد أقربائي واضطررت للسفر، فعندما كلمتها هاتفيا قالت لي لا تذهب أريد الذهاب معك علما بأنني أعمل في بلد وأصلي من بلد آخر، وهي في بلد ثالث. وجميعها بعيدة عن بعضها، وفي هذه الأثناء كنت في المطار وقلت لها أسبوع واحد وسوف أعود إلى البلد التي أعمل بها وسوف نتكلم على النت، ولكن أصرت أنها سوف تعاود الكرة مرة أخرى وتنتحر، فقلت لها سوف أعود إلى البيت كي أكلمك على النت في سبيل مراضاتها كي لاتتهور مثل المرة الأولى ولكن موعد الطائرة قد حان فصعدت إلى الطائرة وسلمت أمري إلى الله. وعندما وصلت إلى بلدي أتتني رسالة على الجوال من صديقتها بأنها عاودت الكرة، علما بأنني عندما كنت أتصل بأختها هاتفيا كي أشرح لها لا تجيب على اتصالي،وعندما أرسل لهم الرسائل يجيبون بمثلها، فقلت إنها كذبة منها. فهذه الأرقام كلها لها ولايوجد صديقة ولا أخت تعلم بالموضوع، فهي تريدني أن لا أبتعد عنها بأي طريقة فأصبحت تتصل هي أو أختها أو صديقتها يوميا، وأنا لم أجب على التلفون وعدت إلى البلد الذي أعمل به، وقررت أن أقطع علاقتي بها كليا، ولكن إنسانيا تألمت خوفا على إنسان يتأذى بسببي، فقلت سوف أتصل بصديقتها وأطمئن عليها فلم تجب، واتصلت بأختها ولم تجب، فقمت بإرسال رسالة لها بأن تجيبني لأمر ضروري كي أحذرها من طيش أختها، فردت علي برسالة الذي يموت يموت بساعته بما معناه. فعاودت الاتصال بصديقتها مرارا دون جدوى حتى هي بعثت لي رسالة وقالت لماذا تتصل بأختي وصديقتي وترسل لهم الرسائل لماذا لا تتصل بي دون أي وسائط. فلم أجبها حتى بعد فترة من الزمن، وإذا بصديقتها ترسل لي الرسائل وتريد أن تكلمني ضروري، فعندما اتصلت قالت لي إنها عاودت الكرة مرة أخرى، فقلت لها وماعساي أن أفعل إذا أختها لم تهتم بالموضوع، وأنت لاتجيبينني على الهاتف فماذا عساي أن أفعل؟ فقالت: أنت تكلم معها وأقنعها حتى تبقى بالمشفى كي تتمم علاجها، وفعلا فعلت خوفا من الله تعالى، وكل إنسان يقع بالخطأ، فأصبحت يوميا أكلمها ساعة تقريبا وهذا شيء مكلف وهي تقول لي إنهم سوف يأخذون منها الهاتف بالمشفى، وأنهم يطفئونن الأنوار ومن هذا القبيل، يمكن كي يرق قلبي ولكنني أخذت القرار بأنني سوف أقطع العلاقة الخاطئة من الأساس، ولكن لا أريد أن أكون سببا لموتها إذا كان الأمر من أساسه صحيحا والله أعلم. وعندما خرجت من المشفى قالت بأن الدكتور قال لها إنه لافائدة من مكوثها فهي انتهت وهو كلام غير عقلاني والله أعلم فأصبحت تقول لي إذا أردت أن تبتعد عني سوف أنتحر، فقلت لها لو كنا متزوجين ونملك أطفالا وقمت بالطلاق هل ستموتين؟ فقالت: لا، هذا شيء وهذا شيء آخر. فأنا أصبحت لا أفهم شيئا من الموضوع، فقطعت الاتصال بعدها لفترة من الزمن وقلت يارب ريح بالي من هذه المصيبة، وأصبحت أدعو بكل صلاة حتى مر أكثر من شهر وإذا صديقتها تطلب مني أن أتصل فقالت لي إنها قامت بإعطائها وصية وعليها بتسليمها لإخوتها إذا ماتت ومضمون الوصية هو أنني أنا السبب بموتها. فقلت لها أين إخوتها قالت: إنهم أتوا للاطمئنان عليها كونهم في أوروبا ودخلت هي المشفى وهم رجعوا إلى أعمالهم فقلت: وأين أختها التي تقييم معها، قالت: لقد ذهبت معهم، قلت: وهي أين؟ أجابتني بالمشفى وسيعمل لها عملية بالمعدة لأنها انتهت. لم يمر ٢٤ ساعة على العملية وإذا بها تتصل، قلت كيف عملية واتصال فوري، فقامت بإرسال رسالة بأن أخاها سوف يأتي ليأخذها من المشفى وأمامي ساعتين لأكلمها ماذا وإلا سوف تأخذ جرعة دواء وتنهي على نفسها تماما. فلم أجب لا برسالة ولا اتصال حتى على صديقتها لم أعد أجيب بشئ، وبعد قرابة ٢٠ يوم أختها على أساس ولا أعرف إذا كان صدقا لأنني إلى هذه اللحظة لم أتكلم معها، أرسلت لي رسالة بأنني السبب بما حدث، وأنها لن تسامحني، وبعد يومين أو ثلاث أرسلت صديقتها تقول يسلم راسك لقد ذهبت، وبعدها بأربع ساعات تقول لم أر منك أي اهتمام ولا كلمة تعزية، وبعدها بنصف ساعة تقول إن الذي كتب بالوصية صحيح. فماذا يترتب علي شرعا أمام الله عز وجل إذا صح الموضوع؟ والله أعلم.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فعليك أولا أن تتوب إلى الله سبحانه وتستغفره مما كان منك من التعرف على النساء عن طريق النت وغيره فهذه معصية وهي التي جرتك إلى هذا الشر. وقد بينا حكم هذه العلاقات في الفتاوى التالية: ١١٧٨٨١، ١١٦٨٢٥، ١٠٩٠٨٩، ٧١٥٠٦، ١٢٠٦٧٢.

والذي ظهر من كلامك أنك كنت سببا في بلاء هذه الفتاة وتعلقها بك وذلك بسبب اتصالاتك المتكررة بها، وإعلامها بأخبارك دائما وهذا كله حرام، ولا يسوغه ما تزعم من خوفك عليها من قتل نفسها إن أنت فارقتها، فإن الواجب عليك أن تتقي الله وتقف عند حدوده مهما كانت النتيجة، ولا يزمك أن تفرط في دينك وتضيعه حفاظا على دنيا غيرك، فاصدق رحمك الله في توبتك إلى ربك، وأكثر من الأعمال الصالحة المكفرة، وتجنب هذه العلاقات المشينة، ثم لن يضرك بعد ذلك ما كان من هذه الفتاة سواء كانت قد قتلت نفسها فعلا أو كانت تحتال لترجعك إليها.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٩ شعبان ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>