للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[صلة الرحم والصبر على أذى الخالة وابنتها]

[السُّؤَالُ]

ـ[أنا فتاة أبلغ من العمر ٢٩ عاما وأحاول قدر استطاعتي أن يرضى الله عني، لي خالة تصغر أمي بسنتين ومنذ صغرهما وهي دائمة المقارنة بينها وبين أمي وتكاد لا تحب لأمي الخير وذلك لأن أمي كان يحبها الجميع وكانت أجمل أخواتها خَلقاً وخُلقا ً وديناً والحمد لله، وكذلك هي تكرهنا منذ صغرنا ولكنها لا تظهر ذلك لأنني أنعم الله علي بجمال الخلقة ولا أزكي على الله أحداً فأنا أجمل بنات العائلة وهذا يغيظها كثيراً كلما سعمت أي إطراء علي أو على إحدى أخواتي وبالأخص عندما تسمع أن هناك من تقدم لي أو لأختي إلى أن وصل بها الأمر أن تقول لابنها أمامي على سبيل الهزار "البنت دي عينها منك" ولا أعلم كيف جاءت لها الجرأة لتفعل ذلك فنحن ولله الحمد على خلق ودين وأبناؤها وبناتها لم يكونوا كذلك وهي التي كانت تحكي على أحوالهم وتنشرها في العائلة إلى أن هداهم الله ظاهراً والله أعلم ببواطن الأمور، وهي دائما ما تحاول تشويه صورة أمي أمام باقي أخواتها وتشعل الغيرة داخلهم من ناحيتها وكثيراً ما تصطنع المشاكل بينها وبين أمي حتى أنها قالت لها في يوم "حسبي الله ونعم الوكيل فيكي" وأمي لم تكن فعلت لها شيئا بل بالعكس هي من تفعل دائما بأمي وتكيل لها وتسيء سيرتها بين القريب والغريب وتعاملها بحذر شديد أمام أختهما الكبرى كأنها ملاك وأمي هي الشيطان وذلك لأن أختهما هذه جزاها الله خيراً تقوم برعايتنا ورعاية أبنائها فنحن وأولادها توفي عنا الأب وهي كانت من حين لآخر تقوم بمساعدتنا والأساس في هذه المشكلة أننا كنا نسكن بعيداً عنهم في الماضي عندما كان والدي رحمه الله على قيد الحياة وبالرغم من ظروفنا الصعبة الشديدة في هذه الأيام إلا أنها كانت أفضل مما نحن فيه الآن لأننا كنا كما يقال زي السمنة على العسل ولم يكن هناك مشاكل إلى أن نقلنا إلى مدينتهم وليتنا لم نفعل، بدأت حالة أمي النفسية تسوء من سوء معاملة أخواتها لها والتي كانت خالتي هي السبب الأساسي به فهي تحب أن تكون موقع الأنظار دائما وأن يكون الخير كله من خالتي لها وحدها، آسفه للإطالة عليكم حدث منذ قريب أن أتى ابن خالتي بأكثر من زميل له ليراني ولم يتم التوفيق في بادئ الأمر حتى أتى لي بشخص يكبرني بعشر سنوات وقال به قصائد شعر وبعد أن تمت الخطبة اتضح لي أن كل الصفات التي قال عنها ليس لها أي أساس من الصحة وأنه على العكس تماما تماما، المهم أني قبلت به مع إحساسي بعيوبة أملاً في أن أكون واهمة وبدأت المشاكل وتناقل الكلام وكان يحكي لإبن خالتي الكلام ليصلني عن طريق خالاتي وأكون أنا لبانة في فم الجميع وموضوعي يثار على الملأ حتى عندما رأيت استحالة إكمال الطريق معه وفسخنا الخطبة بدأ الكلام ينتشر وكانت هي مصدر الكلام وجاءني كلام على لسانه من خالاتي لم يحدث بالمرة وحدثت ابنها وقلت له، هل تقبل بأن يقال هذا الكلام على أختك قال لي نعم وماذا فيه مما جرحني أكثر وجعل حالتي النفسية تسوء بشدة وكانت هي السبب الأساسي بها، مع العلم بأنها لم تحاول الاتصال بنا حتى تطمئن علي مع علمها بحالتي حتى أنني دخلت في حالة اكتئاب شديدة لم يخرجني منها إلا إيماني بالله عز وجل وأنه يدخر لي الأفضل لأنني في هذا الوقت كنت قد تجاوزت الثامنة والعشرين من العمر، ولقد قامت هي بإعلان خطبة ابنتها في نفس الأسبوع الذي فسخت فيه خطبتي ولقد لاقت بذلك توبيخا من الجميع ومنهم من لم يحضر، وعليه فلم أحضر لهذه الفتاة أي مناسبة لأنها اتصلت وتحدثت لأمي بشماتة وقد سبق وأن تحدثت لأمي من قبل بأسلوب غير لائق وذلك نتيجة لما تغذيه به والدتها، المهم أن العلاقة بيننا وبينهم شبة مقطوعة وهي لا تتصل بنا نهائيا وعندما نتقابل عند إحدى خالاتي تقوم بإغاظتي أنا وأختي بذكر سيرة ابنتها بأي طريقة أو حتى تتحدث لها تليفونيا بصوت عال حتى نسمع ما تقول حتى تدخل الحزن في قلوبنا، وهم يتظاهرون الآن أمام العائلة أنهم يتمنون لنا الخير وإننا نحن الذين لا نريد النسيان، وأنا أحيانا ما ألح على والدتي أن تتصل بها وأنا أعلم جيداً مدى الجرح الذي بداخلها ولكنني أذكرها بالثواب وعقوبة قاطع الرحم، ولكن الحال الآن لا يتجاوز التليفونات وعلى فترات متباعدة ولا تذهب أمي لها إلا إذا كانت هناك مناسبة مثل ما حدث من خطوبة وزواج ابنتها التي هي حامل الآن ولكنني لا أستطيع أن أضغط على أعصابي لأذهب لهم لأنني أعلم جيداً ما سأراه من نظرات الشماته في أعينهم ونظرات الحسرة على حالي من أعين باقي خالاتي، سؤالي هو: هل أنا قاطعة رحم وهل أمي هكذا تقطع رحمها لأنها لا تزور أختها ولا تودها كما ينبغي، وهل هناك دعاء يمكنني أن أدعو به ليرزقني الله بالزوج الصالح ويحصنني ويبعد عني شماتتهم.. آسفه مرة أخرى للإطالة؟ ولكم جزيل الشكر.]ـ

[الفَتْوَى]

خلاصة الفتوى:

فصلة الرحم تتحقق بالاتصال والزيارة، ففاعل ذلك لا يدخل في قاطع الرحم، لكن الأولى والأفضل هو الإكثار من الصلة والإحسان والتغاضي عن الجفاء والإساءة وما يكون من رحمه تجاهه، وأما الزواج فلا نعلم له دعاء خاصاً يستجلب به.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فما دامت أمك تتصل عليهم بالهاتف وتزورهم في المناسبات وأنت كذلك، فلستما قاطعتين للرحم ونرجو ألا يكون عليكما بأس فيما دون ذلك، لا سيما إذا كانت كثرة الزيارات تترتب عليها بعض المشاحنات، لكن ينبغي أن يعلم أن الصلة ليست مكافأة للموصول وإنما هي حق أوجبه الله عز وجل للرحم، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. كما في البخاري. وفي صحيح مسلم أن رجلاً سأله فقال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعنوني وأحسن إليهم ويسيؤون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وباستشعار ذلك تهون صلة المسيء فاستحضريه وذكري أمك به، ولكما الأجر والمثوبة من الله عز وجل، ثم إننا ننبهك إلى أمر مهم إلا وهو الحذر كل الحذر من الوقوع في داء الحسد الذي تنقمين على خالتك وابنتها، فهو محرم شرعاً ولا يفيد إلا الهم والغم، فإن عرض لك بعضه فادفعيه من قلبك ولا يغضبك ذكر ابنة خالتك وتحدث أمها بما أنعم الله به عليها ونحو ذلك.

وأما الزواج فلا نعلم له دعاء خاصاً يستجلب به، فلك أن تدعي بما شئت ولعل الله أراد بك خيراً فاسأليه سبحانه أن يرزقك زوجاً صالحه تقر به عينك وتسعد به نفسك إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وللمزيد من الفائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: ٢٦٠٣٦، ٤٧٦٩٣، ٤٤١٧.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٠ جمادي الثانية ١٤٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>