للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[سبب تشبيه الحية والثعبان بالجان]

[السُّؤَالُ]

ـ[هل عصا موسى حية بالفعل أو كأنها حية؟

قال تعالى: وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ "كَأَنَّهَا جَانٌّ" وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ، لماذا ذكر الله -تبارك وتعالى- في هذه الآية الكريمة أنّ عصا موسى تشبه الحية (كأنها حية) ، مع أنها كانت حية بالفعل وكأنّ كما تعلمون تفيد التشبيه. فهل نقول ثوبي يشبه الثوب أو خيلي كأنها خيل أو الحية كأنها حية؟ فما توجيهكم بارك الله فيكم؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن العصا صارت حية كما يدل له قوله تعالى: فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى {طه:٢٠} . وقوله في الآية الأخرى: فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ {الشعراء:٣٢} .

فهاتان الآيتان لم يذكر فيهما التشبيه، وأما التشبيه بالجان في الآية التي ذكر السائل فلا يعارض هذا لأن الجان هو الصغير من الحيات، والثعبان الكبير منها، فهي صارت حية كبيرة، وإنما شبهت بالجان لسرعة حركتها، فقوله: فإذا هي ثعبان مبين بين شكلها وهيئتها وخلقتها، وقوله: فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا بين حال تحركها واهتزازها.

قال الزركشي في كتابه البرهان في علوم القرآن: وللاختلاف أسباب: الأول وقوع المخبر به على أحوال مختلفة وتطويرات شتى كقوله تعالى في خلق آدم إنه من تراب، ومرة من حمأ مسنون، ومرة من طين لازب، ومرة من صلصال كالفخار، وهذه الألفاظ مختلفة ومعانيها في أحوال مختلفة لأن الصلصال غير الحمأ والحمأ غير التراب إلا أن مرجعها كلها إلى جوهر وهو التراب، ومن التراب تدرجت هذه الأحوال. ومنه قوله تعالى: فإذا هي ثعبان مبين، وفي موضع تهتز كأنها جان، والجان الصغير من الحيات، والثعبان الكبير منها، وذلك لأن خلقها خلق الثعبان العظيم، واهتزازها وحركاتها وخفتها كاهتزاز الجان وخفته. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

٢١ ربيع الأول ١٤٣٠

<<  <  ج: ص:  >  >>