للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[شؤم الدار.. نظرة شرعية]

[السُّؤَالُ]

ـ[السؤال: اشتريت شقة ووفقني الله للزواج فيها ولله الحمد، ورزقت بزوجة صالحة، وبعد ٨٠ يوما توفيت زوجتي بحادث سيارة إنا لله وإنا إليه راجعون، وبدأ بعض الأصحاب والأقارب، بأن عتبة البيت قد تكون غير مباركة لأن هذه الشقة كان يسكنها قبلي رجل توفي هو وزوجته وابنيه في حادث سيارة أيضاً، مع أنني لا أؤمن بذلك ولله الحمد لن أتشاءم، ولكن الذي استوقفني أن أحد الأصدقاء قال لي إنه يوجد حديث بمعنى ذلك، الأمر الذي استوقفني للسؤال عليه، فأرجو منكم جزاكم الله خيراً أن تفيدوني بذلك، وإن كان الأمر صحيحاً فكيف أتصرف بهذه الشقة لأني لا أرضى أن أبيعها لأي أخ مسلم غيري؟]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلعل الحديث الذي يشير إليه الأخ الكريم، هو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الشؤم في الدار والمرأة والفرس. متفق عليه، وفي رواية: إن كان الشؤم في شيء ففي الفرس والمسكن والمرأة. متفق عليه.

وقد اختلف العلماء في هذا الحديث فقال مالك وطائفة: هو على ظاهره، وأن الدار قد يجعل الله تعالى سكناها سبباً للضرر والهلاك بقضاء الله تعالى.

وقال الخطابي وكثيرون: هو في معنى الاستثناء من الطيرة أي الطيرة المنهي عنها، إلا أن يكون له دار يكره سكناها أو امرأة يكره صحبتها أو فرس أو خادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه. راجع صحيح مسلم بشرح النووي ١٤/٤٤١-٤٤٢.

وليعلم السائل أن الله إذا جعل في بعض البيوت شؤماً فهو بتقدير الله وبحكمته قدر ذلك، ولا يجوز للمسلم أن يعتقد أن هذه الأشياء تؤثر بذاتها لأن ذلك نوع من الشرك الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: الطيرة شرك. أخرجه أحمد عن ابن مسعود وسنده صحيح.

وعليه.. فلا مانع من بيع الدار المذكورة إذا كان السائل يكره سكناها، وعليه أن يعتقد أنها لا تجلب ضرراً بنفسها، وإنما ذلك بقضاء الله وقدره، وعليه أن يبين سبب بيعه لها، وإلا كان للمشتري الرد إذا علم أنها مبيعة لما بها من الشؤم، قال الشيخ الدردير يعدد العيوب التي توجب للمشتري الخيار: كملح بئرها بمحل الحلاوة. أي بمحل الآبار التي ماؤها حلو.... أو سوء جارها، أو شؤمها، أو جنها، أو كثرة نملها، أو بقها ونحو ذلك فله الرد بذلك ...

قال الدسوقي: (قوله: أو شؤمها) أي بأن كان يترقب المكروه بسكناها كأن يكن من سكنها يموت، أو يحصل له الفقر، أو تموت ذريته. انتهى.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

١٣ ربيع الأول ١٤٢٧

<<  <  ج: ص:  >  >>