للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يذهب اليه غير الأحناف، والقاعدة المعتمدة فى العقود كلها انما هى النية والقصد مع اللفظ‍ المشعر بذلك أو ما يقوم مقامه من اشارة وشبهها ثم اللفظ‍ اما ألا يشعر بالمقصود لغة ولا عرفا فلا بد من التنويه فى الفتوى والقضاء معا، واما أن يشعر بالمقصود لغة أو عرفا، والعرف لغوى وشرعى ووقتى حادث فيحمل فى القضاء دون تنويه على ما يشعر به من عرفى وقتى فشرعى فعرفى لغوى فلغوى أصلى، وبالفتوى على التنويه فالعرفى الوقتى فالشرعى فالعرفى اللغوى فاللغوى الأصلى، فان اجتمع فى اللفظ‍ الأصلى والعرفى والشرعى والوقتى فالمعتبر الوقتى فى القضاء والفتوى، فاذا تقرر ذلك فالألفاظ‍ التى ذكر الفقهاء أن المراد بها مطلق الطلاق أو مقيدة لا تخلو من أن تكون ارادة ذلك بها باللغة أو بعرف اللغة أو بعرف الشرع أو بعرف حادث فان كانت لغوية وضعا أو عرفا أو شريعة فالذى يقتضيه النظر أنها محمولة على مقتضاها فى كل زمان وبكل مكان ومستند ذلك أن كل لفظ‍ ورد علينا من جهة الشارع فانا نحمله على عرفه أو على اللغة أو عرفها وان كانت عرفية بعرف حادث فهذه هى التى ينتقل الحكم بها بانتقال العرف وينعقد الطلاق والبيع وغيرها بسبب النقل العرفى من الخبر الى الانشاء، فأى شئ نقلته العادة لمعنى صريح صار صريحا فى العادة كذلك المعنى بالوضع العرفى (١).

[الفرق بين الاخبار والشهادة]

الشهادة خبر خاص قصد به ترتيب فصل القضاء عليه واشترط‍ فى الشهادة العدد والذكورية والحرية ولا يشترط‍ ذلك فى الاخبار مع اشتراط‍ العدالة فيهما وهى تتضمن الاسلام والعقل والبلوغ: والمخبر ان كان يخبر عن أمر عام لا يختص بمعين فهو الرواية المحضة. وهى أحد أقسام الخبر. كقوله عليه الصلاة والسلام: انما الأعمال بالنيات، والشفعة فيما لا يقسم. فذلك لا يختص بشخص معين بل ذلك على جميع الخلق فى جميع الأمصار والأعصار، بخلاف قول العدل عند الحاكم لهذا عند هذا دينار فانه الزام لمعين لا يتعداه الى غيره فهذا هو الشهادة المحضة.

[أقسام الخبر]

الخبر ثلاثة أقسام رواية محضة، وشهادة محضة، والمشترك بين الاخبار والشهادة وله صور: أحدها الاخبار عن رؤية هلال رمضان من جهة أن الصوم لا يختص بشخص معين بل عام على جميع المصر أو أهل الآفاق على الخلاف فى أنه هل يشترط‍ فى كل قوم رؤيتهم أولا، فهو من هذا الوجه رواية لعدم الاختصاص بمعين. وعموم الحكم ومن جهة أنه حكم يختص بهذا العام دون ما قبله وما بعده وبهذا القرن من الناس دون القرون الماضية والآتية صار فيه خصوص وعدم عموم فأشبه الشهادة وحصل الشبهان فجرى الخلاف (٢) فيمن رأى الهلال وأخبر برؤيته، هل يعتبر قوله برؤية الهلال من الاخبار عن الديانات أم هو من باب الشهادة فقد قال الفقهاء بكل، فمن قال انه اخبار لم يشترط‍ عددا لأن العدد لا يشترط‍ فى الاخبار عن


(١) هامش الفروق ح‍ ١ ص ٣٩ الطبعة السابقة.
(٢) الفروق ح‍ ١ ص ٥، ٨ الطبعة السابقة.