للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويمنعها الأب من الانفراد وكذلك من يقوم مقامه لأنها لا تؤمن على نفسها واذا كانت عند الأم أو الأب فانها تكون عنده ليلا ونهارا فان تأديبها وتخريجها فى جوف البيت من تعليمها الغزل والطبخ وغيرهما ولا حاجة بها الى الاخراج منه بخلاف الغلام ولا يمنع أحد الأبوين من زيارتها عند الآخر لأن فيه حملا على قطيعة الرحم من غير أن يخلو الزوج بأمها ولا يطيل المقام لأن الام صارت بالبينونة أجنبية منه. والورع اذا زارت امرأة ابنتها تحرى أوقات خروج أبيها الى معاشه لئلا يسمع كلامها والكلام ليس بعورة لكن يحرم تلذذ بسماعه.

وان مرضت البنت فالأم أحق بتمريضها فى بيت الأب لحاجتها الى ذلك وتمنع الأم من الخلوة بالبنت ان كانت البنت مزوجة اذا خيف منها الفتنة بينها وبين زوجها والاضرار به.

وكذلك الغلام تمنع أمه من الخلوة اذا خيفت افساده.

وان مرض أحد الأبوين والولد عند الآخر لم يمنع الولد ذكرا أو أنثى من عيادته لئلا يكون اغراء لقطيعة الرحم ولا يمنع من تكرر ذلك فيعيد مرة بعد مرة ولا يمنع أيضا من حضوره عند موته ولا من تولى جهازه لأن ذلك من الصلة والبر.

وأما فى حالة الصحة فالغلام يزور أمه على العادة والأم تزور ابنتها كما تقدم لان الحاجة داعية الى ذلك والبنت أحق بالستر والصيانة لانها مخدرة بخلاف أمها.

والغلام يزور أمه على ما جرت به العادة كاليوم فى الأسبوع. وان مات الولد حضرته أمه لتعاهد بل حلقه ونحوه لانها أرفق أهله، وتتولى من ولدها اذا احتضر ما تتولاه حال الحياة، فتشهده فى حال نزعه، وتشد لحيه وتوجهه الى القبلة وتشرف على من يتولى غسله وتجهيزه لأن ذلك كله من أعمال البر والصلة ولا تمنع من جميع ذلك اذا طلبته فان أرادت الحضور بما ينافى الشرع من تخريق ثوب ولطم خد منعت منه كما تمنع لو كانت فى حبال زوجها لان ذلك محرم فاذا امتنعت من ذلك والا حجبت عنه الى ان تترك المنكر فيجب نهيها وكفها عنه بما يزال به المنكر ولا ينبغى لين القول للنساء فى ذلك والمعتوه ولو أنثى يكون عند أمه ولو بعد البلوغ لحاجته الى من يخدمه ويقوم بأمره والنساء أعرف بذلك (١).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم الأندلسى (٢) الأم أحق بحضانة الولد الصغير والابنة الصغيرة حتى يبلغا المحيض أو الاحتلام أو الانبات مع التمييز وصحة الجسم سواء كانت أمة أو حرة متزوجة أو غير متزوجة رحل الأب عن ذلك البلد أو لم يرحل والجدة أم فإن لم تكن الأم مأمونة فى دينها ودنياها نظر الى الصغير أو الصغيرة بالأحوط‍ فى دينهما ثم دنياهما فحيثما كانت الحياطة لهما فى كلا الوجهين


(١) كشاف القناع عن متن الاقناع ج‍ ٣، ص ٣٣٠ - ٣٣٢ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى الطبعة الأولى طبع ادارة الطباعة المنيرية بالقاهرة ١٣٥٢ هـ‍ وتحقيق محمد منير الدمشقى ح‍ ١٠ ص ٣٢٣ المسألة رقم ٢٠١٤.