للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمجنون يحجر عليه الى افاقته سواء كان ذكرا أو أنثى قال فى الذخيرة: ويزول الحجر عن المجنون بافاقته ان كان الجنون طارئا بعد البلوغ لأنه كان على الرشد، وان كان الجنون قبل البلوغ فلا يزول الحجر الا بعد اثبات الرشد، وكذا لو كان بلغ سفيها ثم جن فلا ينفك الحجر بالافاقة فقط‍.

وأما المغمى عليه فقال القرطبى رحمه الله تعالى فى أوائل سورة النساء: استحسن مالك رضى الله تعالى عنه أن لا يحجر على المغمى عليه لسرعة زوال ما به (١).

[مذهب الشافعية]

جاء فى الأشباه والنظائر أن النائم والمجنون والمغمى عليه قد يشتركون فى أحكام، وقد ينفرد النائم عن المجنون والمغمى عليه وتارة يلحق بالمغمى عليه وتارة يحلق بالمجنون وبيان ذلك على النحو التالى:

أولا: يشترك الثلاثة فى الحدث.

ثانيا: يستحب للمجنون أن يغتسل عند الافاقة ومثله المغمى عليه.

ثالثا: قضاء الصلاة اذا استغرق ذلك الوقت يجب على النائم أما المجنون والمغمى عليه فلا يجب عليهما قضاء.

رابعا: قضاء الصوم اذا استغرق النهار، يجب على المغمى عليه، أما المجنون فلا يجب القضاء عليه، والفرق بين قضاء الصلاة وقضاء الصوم كثرة تكرار الصلاة، ونظيره وجوب قضاء الصوم على الحائض والنفساء دون الصلاة وأما النائم اذا استغرق النهار وكان نوى من الليل فانه يصح صومه على المذهب، والفرق بينه وبين المغمى عليه ان النائم ثابت العقل لأنه اذا نبه انتبه بخلاف المغمى عليه، وفى النوم وجه آخر وهو أنه يضر بالصوم كالاغماء وفى الاغماء وجه آخر وهو أنه لا يضر بالصوم كالنوم، ولا خلاف فى الجنون، وأما غير المستغرق من الثلاثة فالنوم لا يضر بالاجماع، وفى الجنون قولان الجديد البطلان لأنه مناف للصوم كالحيض، وقطع به بعضهم وفى الاغماء طرق: احدها: لا يضر أن أفاق جزءا من النهار سواء كان فى أوله أو آخره والثانى القطع انه ان أفاق فى أوله صح والا فلا، والثالث وهو الأصح - فيه أربعة أقوال أظهرها أنه لا يضر ان أفاق لحظة، والثانى ان أفاق فى أوله خاصة، والثالث لا يضر ان أفاق فى طرفيه، والرابع يضر مطلقا فيه فيشترط‍ الافاقة جميع النهار.

خامسا: الأذان لو نام أو أغمى عليه أثناءه ثم أفاق نظر فان لم يطل الفصل بنى وان طال الفصل وجب الاستئناف على المذهب، قال فى شرح المهذب قال أصحابنا رحمهم الله تعالى:

والجنون هنا كالاغماء.

سادسا: لو لبس الخف ثم نام حتى مضى يوم وليلة انقضت المدة، قال البلقينى رحمه الله تعالى: ولو جن أو أغمى عليه فالقياس أنه لا تحسب عليه المدة لأنه لا تجب عليه الصلاة بخلاف النوم لوجوب القضاء، قال: ولم أر من تعرض لذلك.

سابعا: اذا نام المعتكف حسب زمن النوم من الاعتكاف قطعا لأنه كالمستيقظ‍، وفى زمان الاغماء وجهان أصحهما يحسب، ولا يحسب زمن الجنون قطعا لأن العبادات البدنية لا يصح أداؤها فى حال الجنون.

ثامنا: يجوز للمولى أن يحرم عن المجنون أما المغمى عليه فلا يجوز للمولى أن يحرم عنه كما جزم به الرافعى رحمه الله تعالى.

تاسعا: الوقوف بعرفة لا يصح من المجنون والمغمى عليه مثل المجنون فى الأصح بخلاف النائم


(١) السابق ج‍ ٥ ص ٥٨ نفس الطبعة.