للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثانيا): بأن الاعارة تنعقد بلفظ‍ التمليك مثل أن يقول: ملكتك منفعة دارى هذه شهرا، وما ينعقد بلفظ‍ التمليك فهو تمليك.

وانعقادها بلفظ‍ الاباحة مجاز كما أن الاجارة تنعقد بلفظ‍ الاباحة ولا نزاع فى كونها تمليكا، والجهالة المفضية الى النزاع هى المانعة من التمليك أما الجهالة فى باب الاعارة فلا تقضى اليه. وعمل النهى فى الاعارة لأن الاعارة عقد غير لازم فكان للمعير الرجوع فى أى وقت شاء (١).

وامتناع اجارة المستعير للعين المعارة له لبس لأن المستعير لا يملك المنفعة بل لأن المعير ملكه المنافع على وجه لا ينقطع حقه عنها متى شاء، فلو جاز له أن يؤجرها لتعلق بالاجارة استحقاق المستأجر فيقطع حق المعير فى الاسترداد فى أى وقت شاء (٢).

[مذهب المالكية]

عقد الاعارة يفيد تمليك منفعة العين للمستعير تمليكا مؤقتا، وملك المنفعة فى هذا العقد أعم من ملك الانتفاع فى بعض العقود مثل أن يوقف بيت على طلبة العلم يسكنونه ففيه تمليك انتفاع وليس فيه تمليك منفعة، لأن الانتفاع يكون بنفس المنتفع فقط‍ وليس له أن يؤاجره ولا أن يعيره لغيره، أما ملك المنفعة فأعم من ذلك لأن له فيها الانتفاع بنفسه أو بغيره كأن يعيره أو يؤاجره (٣).

[مذهب الشافعية]

يترتب على تمام عقد الاعارة اباحة الانتفاع للمستعير بالعين المستعارة ولذا صحت بلفظ‍ الاباحة والاباحة لا تفيد نقل اليد بدليل أن الضيف لا يمكنه أن يتصرف فيما قدم له (٤).

قال الامام السيوطى:

المستعير يملك - بعقد الاعارة - الانتفاع دون المنفعة، ومن ملك الانتفاع فليس له الاجارة قطعا ولا الاعارة فى الاصح، أما من ملك المنفعة كالمستأجر فله الاجارة والاعارة (٥).

[مذهب الحنابلة]

الاعارة اباحة لمنفعة العين المعارة وليست تمليكا لها، فلا يجوز للمستعير أن يبيحها غبره كاباحة الطعام، لأن المستعير لم يملك المنافع انما ملك استيفاءها على الوجه الذى أذن له فيه. ويحتمل أن يكون تمليك المنفعة للمستعير مذهبا للامام أحمد فى الاعارة


(١) الهداية والعناية بتكملة فتح القدير ج ٧ ص ١٠٠ - ١٠٢
(٢) الجوهرة النيرة ج ١ ص ٣٥٠
(٣) حاشية العدوى على شرح أبى الحسن ج ٢ ص ٢٣٩ طبعة عبد الحميد حنفى، حاشية الصاوى على الشرح الصغير ج ٢ ص ٢٢٦، شرح الخرشى ج ٦ ص ١٣٩ - ١٤٢
(٤) حاشية البجرمى على شرح المنهج ج ٣ ص ٩٠، ٨٧، حاشية القليوبى على شرح المحلى ج ٣ ص ١٨.
(٥) الاشباه والنظائر للسيوطى ص ٣٢٦