للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو بركة لكونه من الحلال أو لأنه فى الذمة.

قال القاضى: ولو قال لى عليك الف دينار فقال: لك على اكثر من ذلك لم يلزمه اكثر منها لأن لفظة اكثر مبهمة لاحتمالها ما ذكرنا ويحتمل انه اكثر منه فلوسا أو حب حنطة أو شعيرا أو دخن فيرجع فى تفسيرها اليه ..

وهذا بعيد فان لفظة أكثر انما تستعمل حقيقة فى العدد أو فى القدر وينصرف الى جنس ما أضيف اكثره اليه. لا يفهم فى الاطلاق غير ذلك. قال الله تعالى: «كانوا أكثر منهم».

وأخبر عن الذى قال: «أنا أكثر منك مالا.» «وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا» والاقرار يؤخذ فيه بالظاهر دون مطلق الاحتمال ..

ولهذا لو أقر بدراهم لزمه اقل الجمع جيادا صحاحا وازنة حاله. ولو قال له على دراهم لم يقبل تفسيرها بالوديعة. ولو رجع الى مطلق الاحتمال لسقط‍ الاقرار (١).

[التعبير بعندى يقبل التفسير بالوديعة والدين]

من اقر بقوله: له عندى دراهم. مائة أو ألفا أو أى عدد ثم فسر اقراره بأنها وديعة قبل تفسيره لا خلاف فى ذلك بين اهل العلم.

سواء فسره بكلام متصل أو منفصل لأنه فسر لفظه بما يقتضيه تقبل منه كما لو قال: له على دراهم وفسرها بدين عليه - فعند ذلك تثبت فيها احكام الوديعة بحيث لو ادعى تلفها بعد ذلك أو ردها كان القول قوله. وان فسرها بدين عليه قبل أيضا لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ‍. وان قال: له عندى وديعة رددتها اليه أو تلفت لزمه ضمانها ولم يقبل قوله .. رددتها أو تلفت .. لما فيه من مناقضة الاقرار والرجوع عما اقر به. فان الالف المردود والتالفة ليست عنده اصلا ولا هى وديعة. وكل كلام يناقض الاقرار ويجعله بحيث أن يكون مردودا. وقال القاضى: يقبل قوله لان أحمد قال فى رواية ابن منصور: اذا قال: لك عندى وديعة دفعتها اليك صدق لانه ادعى تلف الوديعة أو ردها فقبل كما لو ادعى ذلك بكلام منفصل. ان قال: كانت عندى وظننتها باقية ثم عرفت انها كانت قد هلكت فالحكم فيها كالتى قبلها (٢).

[التعبير. بعلى. لا يقبل التفسير بالوديعة]

ولو أقر بدراهم بقوله. له على دراهم.

وحددها ثم فسره بالوديعة لم يقبل قوله. فلو ادعى بعد هذا تلفها لم يقبل قوله لأن على للايجاب وذلك يقتضى كونها فى ذمته. ولذلك لو قال: ما على فلان على كان ضامنا له.

والوديعة ليست فى ذمته ولا هى عليه وانما هى عنده .. وقال القاضى ما يدل على انه يقبل قوله انها وديعة واذا ادعى بعد ذلك تلفها يقبل قوله لان الوديعة عليه حفظها وردها. فاذا قال: على وفسرها بذلك احتمل صدقه فقبل منه كما لو وصله بكلامه فقال:

على الف وديعة. ولان حروف الصفات يخلف بعضها بعضا فيجوز ان يستعمل على معنى عندى كما قال الله تعالى اخبارا عن موسى عليه السّلام انه قال: «ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون» أى عندى .. ورد بأن ما ذكر مجاز طريقه حذف المضاف واقامة المضاف اليه مقامه أو اقامة حرف مقام حرف.

والاقرار يؤخذ فيه بظاهر اللفظ‍ بدليل أنه لو قال: له على دراهم لزمته ثلاثة دراهم وان


(١) المغنى ج‍ ٥ ص ٣١٥ وما بعدها.
(٢) المغنى: ج‍ ٥ ص ٣٠٨، ٣٠٩.