للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلفظ‍ بالطلاق ثم قال كنت حينئذ صبيا أو نائما وأمكن ذلك صدق بيمينه كما قاله الرويانى رحمه الله تعالى، وان قال فى الروضة: فى تصديق النائم نظر فانه لا أمارة عليه بخلاف الصبى (١).

وانما يصح الظهار من كل زوج مكلف بأن يكون بالغا عاقلا، فلا يصح من صبى ولا مجنون ولا مغمى عليه لما مر فى الطلاق. نعم لو علق المكلف الظهار على صفة تحققت وهو مجنون أو مغمى عليه حصل الظهار قطعا، قاله ابن كج رحمه الله تعالى (٢).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى والشرح الكبير أن أهل العلم أجمعوا على أن من زال عقله بغير سكر أو ما فى معناه لا يقع طلاقه كذلك قال عثمان وعلى وسعيد ابن المسيب والحسن والنخعى والشعبى وغيرهم رضى الله تعالى عنهم، وقد أجمع أهل الرأى على أن الرجل اذا طلق فى حال نومه لا طلاق له، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ‍ وعن الصبى حتى يحتلم وعن المجنون حتى يفيق) وروى عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: (كل طلاق جائز الا طلاق المعتوه المغلوب على عقله) رواه النجاد رحمه الله تعالى، ولأنه قول يزيل الملك فاعتبر له العقل كالبيع وسواء زال عقله بجنون أو اغماء أو نوم أو شرب دواء أو اكراه على شرب خمر أو شرب ما يزيل عقله شربه وهو لا يعلم أنه مزيل للعقل فكل هذا يمنع وقوع الطلاق رواية واحدة ولا نعلم فيه خلافا. وروى عن الامام أحمد رحمه الله تعالى أنه اذا طلق المغمى عليه فلما أفاق علم انه كان مغمى عليه وهو ذاكر لذلك.

قال الامام أحمد: اذا كان ذاكرا لذلك فليس هو مغمى عليه فيجوز طلاقه، وقال فى رواية أبى طالب رحمه الله تعالى فى المجنون يطلق فقيل له بعد ما أفاق انك طلقت امرأتك فقال أنا أذكر أنى طلقت ولم يكن عقلى معى، فقال اذا كان يذكر أنه طلق فقد طلقت فلم يجعله مجنونا اذا كان يذكر الطلاق ويعلم به وهذا فيمن جنونه بذهاب معرفته بالكلية وبطلان حواسه فأما من كان جنونه لنشاف أو كان مبرسما فانه يسقط‍ حكم تصرفه مع أن معرفته غير ذاهبة بالكلية فلا يضره ذكره للطلاق (٣). ومن لا يصح طلاقه لا يصح ظهاره كالطفل والزائل العقل بجنون أو اغماء أو نوم أو غير ذلك لا نعلم فى هذا خلافا (٤). ولا يصح العتق من غير جائز، التصرف، فلا يصح عتق الصبى والمجنون، قال ابن المنذر رحمه الله تعالى: هذا قول عامة أهل العلم وممن حفظنا عنه ذلك الحسن والشعبى والزهرى وأصحاب الرأى رحمهم الله تعالى وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم) المذكور ولأنه تبرع بالمال فلم يصح منهما كالهبة ولا يصح عتق السفيه المحجور عليه وهو قول القاسم بن محمد رحمه الله تعالى، وذكر أبو الخطاب فيه رواية أخرى أنه يصح عتقه قياسا على طلاقه وتدبيره، ويدل لنا أنه محجور عليه فى ماله لحظ‍ نفسه فلم يصح عتقه كالصبى ولأنه تصرف فى المال فى حياته فأشبه بيعه وهبته ويفارق الطلاق لأن الحجر عليه فى ماله والطلاق ليس بتصرف فيه ويفارق التدبير لأنه تصرف فيه بعد موته وغناه عنه بالموت، ولهذا صحت وصيته ولم تصح هبته المنجزة (٥).


(١) مغنى المحتاج الى معرفة معانى الفاظ‍ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب ج‍ ٣ ص ٢٦٧ فى كتاب على هامشه متن المنهاج لأبى زكريا يحيى بن شرف النووى.
(٢) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٣٢٦ نفس الطبعة.
(٣) المغنى لموفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد ابن قدامة على مختصر أبى القاسم عمر بن عبد الله بن أحمد الخرقى ج‍ ٧ ص ٢٥٤ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لشمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد ابن أحمد بن قدامة المقدسى الطبعة الأولى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٨ هـ‍.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٥٥٥ نفس الطبعة.
(٥) المرجع السابق ج‍ ٩ ص ٣٣٣ الطبعة الأولى سنة ١٣٦٧ هـ‍.