للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مستهلكة بالوصول الى جوفها، ولم تؤثر فى لحمها، ولا لبنها، وهى على صفة الخمرية بحالها، فلهذا لا بأس بأكل لحمها وشرب لبنها.

ولو صب رجل خابية من خمر فى نهر مثل الفرات، أو أصغر منه ورجل أسفل منه فمرت الخمر فى الماء، فلا بأس بأن يشرب من ذلك، الا أن يكون وجد فيه طعمها أو ريحها فلا يحل له حينئذ، بخلاف ما لو وقعت قطرة من خمر فى اناء فيه ماء، لأن الاناء قد تنجس فلا يحل شربه. وان كان لا يوجد فيه طعم الخمر.

وأما الفرات فلا ينجس اذ لم يتغير طعمه ولا رائحته بما صب فيه لقوله عليه الصلاة والسّلام خلق الماء طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه، والمراد الماء الجارى، ثم ما صب فى الفرات يكون مغلوبا مستهلكا فما يشربه الرجل ماء الفرات، ولا بأس بشرب ماء الفرات.

أما اذا كان يوجد فيه ريح الخمر أو طعمها فيستدل بذلك على وجود عين الخمر فى الماء فلا يحل شربه (١).

[مذهب المالكية]

يقول القرطبى: ان قوله تعالى «فاجتنبوه» يقتضى الاجتناب المطلق الذى لا ينتفع معه بشئ بوجه من وجوه الانتفاع لا بشرب ولا بيع ولا تخليل ولا مداواة ولا غير ذلك (٢).

وجاء فى الشرح الكبير للدردير: «ولا يجوز استعمال الخمر لأجل دواء ولو، لخوف الموت.

وقد علق الدسوقى على ذلك بقوله:

فان وقع ونزل وتداوى به شربا حد.

قال ابن العربى تردد علماؤنا فى دواء فيه خمر.

والصحيح المنع والحد.

وما ذكره من الحد اذا سكر بالفعل والا لم يحد.

وبالغ المالكية فى عدم جواز استعمال الخمر لأجل الدواء، فقالوا بمنعه ولو كان طلاء فى جسده.

وكذلك لا يجوز استعماله ولو خلطه بشئ من الدواء الجائز بمعنى أنه اذا طلى به مخلوطا بشئ من الدواء الجائز فان ذلك ممنوع عندهم (٣).


(١) المبسوط‍ للسرخسى ج‍ ٢٤ ص ٢٨ الطبعة السابقة.
(٢) تفسير القرطبى ص ٢٢٨٦ طبع مطبعة دار الشعب بالقاهرة.
(٣) الشرح الكبير لأبى البركات سيدى أحمد الدردير وحاشية الدسوقى عليه للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد بن عرفة الدسوقى وبهامشه الشرح المذكور مع تقريرات للعلامة المحقق سيدى الشيخ محمد عليش ج‍ ٤ ص ٢٥٣، ص ٣٥٤ طبع مطبعة دار احياء الكتب العربية لأصحابها عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٢١٩ هـ‍.