للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها ثم يقوم فيقرأ ما بقى فان ركع فى موضع السجدة أجزأه، فان ختم السورة ثم ركع لم يجزه نواها أو لم ينوها لانها صارت دينا فى الذمة فلا تتأدى بالركوع ولا بالسجدة الصلاتية.

فهم يقولون بأن الركوع يقوم مقام سجدة التلاوة ويجزى عنها قياسا لان الركوع والسجود متشابهان فى معنى الخضوع وفى الاستحسان لا يجوز لأنا أمرنا بالسجود، والركوع غيره وهذا أثر الاستحسان الظاهر لان المأمور به لا يتأدى بغيره لكن القياس أولى بالعمل لقوة أثره الباطن. والركوع فى الصلاة يعمل ما هو المقصود من السجود لأن الركوع فيها عبادة كالسجود فيسقط‍ عنه السجود بخلاف سجود الصلاة حيث لا يجوز اقامة الركوع مقامه فصار الأثر الخفى للقياس فهو حصول المقصود بالركوع مع الفساد الظاهر وهو اعتبار نفس الشبه والعمل بالمجاز مع امكان الحقيقة أولى من الأثر الظاهر للاستحسان وهو العمل بالحقيقة مع الفساد الخفى وهو جعل غير المقصود مساويا للمقصود.

[الاستحسان ليس من قبيل تخصيص العلة]

جاء فى التوضيح لصدر الشريعة بعد الكلام على الاستحسان (١) أن الاستحسان ليس من باب تخصيص العلة وان كان بعض الناس زعم أنه كذلك، وبين صدر الشريعة كونه ليس من باب تخصيص العلة بما يوردونه فى موضوع تخصيص العلة من أن ترك القياس بدليل أقوى منه لا يعتبر تخصيصا لعلته، وقد علق السعد على ذلك بتعليل يقول فيه: ان انعدام الحكم فى صورة الاستحسان انما هو لانعدام العلة وأوضح ذلك بأن موجب نجاسة سؤر سباع الوحش هو الرطوبة النجسة فى الآلة الشاربة ولا يوجد ذلك فى سباع الطير فينتفى الحكم بالنجاسة لذلك وهذا معنى ترك القياس الجلى الضعيف الأثر بدليل قوى وهو قياس خفى قوى الأثر فلا يكون من تخصيص العلة فى شئ. وهو بهذا يرد على مثل أبى الخطاب الذى ينص على أن الاستحسان يرجع الى تخصيص العلة على ما نقله عنه آل تيمية فى المسودة (٢)، وعبارتهم قال أبو الخطاب: معنى الاستحسان أن بعض الأمارات تكون أقوى من القياس فيعدل اليها من غير أن يفسد القياس وهذا راجع الى تخصيص العلة قال: وشيخنا يمنع من تخصيص العلة ويقصر القول بالاستحسان ولا أعرف لقوله وجها.

[استحقاق]

[تعريف الاستحقاق]

جاء فى لسان العرب (٣) استحق الشئ استوجبه ومنه قوله تعالى «فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً» اى استوجباه ويقال


(١) ج‍ ٣ ص ١٠
(٢) ص ٤٥٣
(٣) لسان العرب لابن منظور مادة حقق.