للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر سبيعة الأسلمية بأن تنكح من شاءت اذ وضعت حملها أثر موت زوجها بليال. وقد تشوفت للخطاب فلم ينكر ذلك عليها. فصح أنه لا إحداد عليها بعد إنقضاء حملها قبل الأربعة الأشهر وعشر.

ثم قال: ولم نجد نصابا يجابه عليها أن تمادى الحمل أكثر من أربعة أشهر وعشر.

فإن وجد فالقول به واجب وإلا فلا.

ثم استدركنا إذ تدبرنا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فى بعض طرق خبر أم عطية أنها تجتذب ما ذكر اجتنابه دون ذكر أربعة أشهر وعشر، فكان العموم أولى أن تضع حملها (١).

[مذهب الزيدية]

قالوا: والحامل بآخر الأجلين لقوله تعالى: «أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» وقوله:

«أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً».

وقيل: بالوضع فقط‍ لقوله تعالى: «أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ» ولم يفصل.

[مذهب الإمامية]

قالوا: بأبعد الأجلين إذا كانت حاملا.

وسواء قيل بالوضع أو بأبعد الأجلين، فمحصل آراء الحنفية والزيدية والإمامية والحنابلة أنه إذا استمر حملها أكثر من أربعة أشهر وعشرا لا تحل حتى تضع.

وحيث أن الإحداد يكون فى مدة العدة فإنه فى هذه الحالة يستمر وجوبه حتى تضع كذلك (٢).

إحداد الكتابية

[مذهبا الحنفية والزيدية]

يرون إن الإحداد لا يجب على الكتابية لأن الإيمان شرط‍ لوجوب الإحداد، عملا بظاهر الحديث، ولأن الإحداد عبادة، والكتابية غير مخاطبة بها خطاب تكليف إذ ليست من أهل العبادة (٣).

[مذهب المالكية]

اختلف قول مالك فى ذلك حسبما روى عنه، فروى عنه أشهب: لا إحداد عليها لما ذكرنا من التعليل عند الأحناف.

وروى عنه ابن القاسم وغيره أن عليها الإحداد كالمسلمة، ووجهه أن هذا حكم من أحكام العدة، وحق من حقوق الزوجية فلزوم الكتابية للمسلم كلزوم المسكن والعدة والنفقة.

وعلى هذا فلا يكون المراد من وصف الإيمان هنا ما يفهم تخصيص الحكم بالمؤمنات بل يكون ذكره على سبيل


(١) المحلى ج‍ ١٠ ص ٢٨١.
(٢) فتح القدير ج‍ ٣ ص ٢٧٢ والبحر الزخارى ج‍ ٣ ص ٢٢١، والمختصر النافع ص ٢٢٥، والمغنى ج‍ ٩ ص ١٥٢.
(٣) البحر الزخار ج‍ ٣ ص ٢٢٩ وفتح القدير ج‍ ٣ ص ٢٩٣.