للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا إقبال الناس على أبى بكر وإجفالهم عليه .. فأمسكت يدى ورأيت أنى أحق بمقام محمد في الناس ممن تولى الأمور على فلبثت بذلك ما شاء الله .. ثم رأيت راجفة من الناس راجعة عن الإسلام يدعون إلى مجودين محمد وملة إبراهيم عليهما السلام فخشيت لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى في الإسلام ثلما وهَدْمًا تكون به المصيبة عليَّ أعظم من فوت ولاية أمركم التي إنما هي متاع أيام قلائل ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب ..

فمشيت عند ذلك إلى أبى بكر فبايعته، ونهضت معه في تلك الأحداث حتى زهق الباطل وكانت كلمة الله هي العليا، وأن يرغم الكافرين .. فتولى أبو بكر - رضى الله عنه - تلك الأمور فيسر وسدَّد وقارب واقتصد فصحبته مناصحًا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهدًا ..

فلما احتضر بعث إلى عمر فولاه فسمعنا وأطعنا وبايعنا ونصحنا فتولى تلك الأمور فكان مرضى السيرة ميمون النقيبة أيام حياته فلما احتضر قلت في نفسى ليس يصرف هذا الأمر عنى فجعلها شورى وجعلنى سادس ستة فما كانوا لولاية أحد منهم بأكره منهم لولايتى لأنهم كانوا يسمعونى وأنا أحاج أبو بكر فأقول:

يا معشر قريش أنا أحق بهذا الأمر منكم ما كان منا من يقرأ القرآن ويعرف السنة فخشوا. إن وليت عليهم ألا يكون لهم في هذا الأمر نصيب .. فبايعوا إجماع رجل واحد حتى صرفوا الأمر عنى لعثمان فأخرجونى منها رجاء أن يتداولوها حين يئسوا أن ينالوها …

ثم قالوا لى: هلمّ فبايع وإلا جاهدناك فبايعت مستكرها وصبرت محتسبًا وقال قائلهم: إنك يا ابن أبي طالب على الأمر لحريص .. قلت لهم: أنتم أحرص ..

أما أنا إذا طلبت ميراث ابن أبي وحقه .. وأنتم إذا دخلتم بينى وبينه وتضربون وجهى دونه .. اللهم إنى أستعين بك على قريش فإنهم قطعوا رحمى وصغروا عظيم منزلتى وفضائلى واجتمعوا على منازعتى حقا كنت أولى به منهم فسلبونيه، ثم قالوا: أصبر كمدًا وعش متأسِّفا فنظرت فإذا ليس معى رفاقه ولا مساعدًا إلا أهل بيتى وضمخت بهم على الهلاك .. فأغضيت عينى على القذى .. وتجرعت ريقى على الشجى .. وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم طعمًا وألم للقلب من حز الحديد … "

إن من قرأ السيرة والتاريخ وعرف روح أمير المؤمنين على - رضى الله عنه - وقوته وشجاعته .. وتذوق أسلوبه البالغ أقصى درجات البلاغة لا يمكن أن يصدق نسبة هذه الكتب إليه فضلًا عما فيها من مجافاة للحق ووقائع التاريخ الصحيح ..

وإلى هنا انتهى الكلام في أمر الشيعة وفرقهم ومذاهبهم وعقائدهم وأدلتهم ومناقشة الأدلة والرد عليها في حدود ما أطلعت عليه من ذلك.

[الإمامة خطة دينية ونظام شرعى]

لكى نحكم على الخلافة هل هي من الدين وخطة من خططه التي جاء بها وقرر إحكامها ورسم مناهجها .. أو ليست من اللين ولا هي من خططه وإنما هي ملك سياسى هوت إليه العقول وأوحت به التجارب والسلاسات - ولكى نصل إلى الحكم الصحيح في ذلك يجب أن ينظر إلى الخلافة في ذاتها كنظام له مناهجه وأحكامه ..

بقطع من شغلوها والأشخاص الذين قاموا عليها من بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الى أن توقف أمرها ونفض المسلمون أيديهم منها ثم نبحث من خلال