للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بعد المجلس لا أثر له عندهم، والرد فى المجلس صحيح يرتد به الإبراء ولا يسقط‍ به الدين إذا لم يسبقه قبول صريح له من المدين، لأن الرد بعده غير صحيح مطلقا فى المجلس وبعده. وتستوى هبة الدين للمدين فى هذا الحكم مع الإبراء منه.

وخالف الشافعية والحنابلة فذهبوا إلى أن الإبراء يتم بإرادة الدائن ولا يرتد برد المدين تغليبا لمعنى الإسقاط‍ فيه. ولذا لا يفتقر الى القبول من المدين عندهم.

ويرى المالكية أنه يرتد بالرد فيبطل الإيجاب برد المدين لغلبة معنى التمليك فيه ولذا يحتاج الى القبول عندهم على الأصح به.

وذهب الحنفية إلى صحة إبراء المدين بعد موته وعندئذ يرتد برد الوارث عند أبى يوسف خلافا لمحمد. وإذا كان الإبراء إبراء من الحوالة كان أبرأ المحتال المحال عليه من الحوالة، أو كان ابراء من الدائن للكفيل من كفالته، أو كان الإبراء مطلقا بعد طلبه من المدين لم يرتد بالرد مطلقا. أما فى الإبراء من الحوالة والكفالة فلتمحضه فى الاسقاط‍ فلم يتوقف على القبول ولم يقبل الرد. وأما الابراء بعد طلبه من المدين فلأن رده يعد كأنه رد بعد قبوله ولا يرتد الابراء بالرد بعد القبول (١).

وذهب الزيدية الى أن الابراء يرتد بالرد لغلبة معنى التمليك فيه ولذا توقف على القبول عندهم، فإن خلا من معنى التمليك فكان اسقاطا محضا كالإبراء من الشفعة لم يتوقف على القبول ولم يرتد بالرد.

ومن الزيدية من غلب فيه معنى التمليك فى جميع أحواله فتوقف على القبول عندهم وأرتد بالرد (٢).

وإذا صدر الإبراء من فضولى توقف على أجازة الدائن فإن أجازه نفذ عند الحنفية والزيدية.

شروط‍ الإبراء:

من شروط‍ الإبراء شروط‍ ترجع إلى المبرئ، وشروط‍ ترجع إلى صيغة الإبراء، وشروط‍ ترجع إلى المبرأ، وشروط‍ ترجع إلى المبرأ منه.

فأما ما يرجع الى المبرئ فهو أن يكون من أهل التبرع فيجب أن يكون عاقلا بالغا غير محجور عليه لسفه أو لدين، لأن الإبراء تبرع من الدائن إذ لا يقابله عوض من المدين، ويلاحظ‍ أن عدم الحجر للدين انما هو شرط‍ نفاذ، فإبراء المحجور عليه بسبب الدين لمدينه صحيح متوقف على إجازة دائنيه لأن منعه من التبرع إنما هو للمحافظة على حقوقهم … وهذا مذهب الحنفية مع ملاحظه أن أبا حنيفة رحمه الله لا يرى الحجر للدين وإنما يراه الصاحبان وأثره عندهما هو المنع من التبرع محافظة على حقوق الغرماء دون أن يمس الحجر أهلية


(١) الفتاوى الهندية ج‍ ٤ ص ٣٨٤ وما بعدها طبعة بولاق.
الأشباه والنظائر لابن نجيم طبعة إسلامبول.
تكملة ابن عابدين ج‍ ٢ ص ٣٤٧ طبعة بولاق.
كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٤٧٨ طبعة المطبعة الشرفية سنة ١٣١٩.
الأشباه للسيوطى ص ١٨٨ وما بعدها.
المهذب ج‍ ٢ ص ٤٥٤ طبعة دار الكتب العربية لمصطفى الحلبى.
مطالب أولى النهى شرح غاية المنتهى ج‍ ٤ ص ٣٩٢ وما بعدها طبعة سنة ١٩٦١.
(٢) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٢٩٨ وما بعدها.
الشرح الكبير للدردير ج‍ ٤ ص ٩٩.