للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يقع طلاقه (١). وذهب مالك أيضا الى وقوع طلاق السكران (٢).

وذهب الشافعى أيضا الى وقوع طلاقه، حيث يقول نصا.

ومن شرب خمرا أو نبيذا فأسكره فطلق لزمه الطلاق والحدود كلها والفرائض ولا تسقط‍ المعصية بشرب الخمر والمعصية بالسكر من النبيذ عنه فرضا ولا طلاقا (٣).

أما ابن حنبل فقد روى عنه روايتان.

احداهما: يقع طلاقه اختارها أبو بكر الخلال والقاضى - وهو مذهب مالك والشافعى وأبى حنيفة وصاحبيه.

ولقول النبى صلى الله عليه وآله وسلم (كل الطلاق جائز الا طلاق المعتوه).

والرواية الثانية: لا يقع طلاقه - اختارها أبو بكر عبد العزيز - وهو قول عثمان بن عفان، ولأنه زائل العقل فأشبه المجنون (٤).

أما الظاهرية: فان داود الظاهرى يقول بعدم وقوع طلاق السكران (٥) ويقول ابن حزم:

وطلاق السكران غير لازم وكذلك من فقد عقله بغير الخمر.

«ويستدل ابن حزم لذلك بقوله تعالى {(لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)}.

ويقول «فمن أخبر الله تعالى أنه لا يدرى ما يقول فلا يحل أن يلزم شيئا من الأحكام لا طلاقا ولا غيره، ولأنه غير مخاطب (٦).

أما الزيدية فهناك خلاف بين علمائهم فى الزام السكران بعد افاقته بطلاقه حال سكره.

حيث يروى ابن المرتضى أولا أن طلاق السكران يقع حيث لم تفرق النصوص الصحيحة عندهم بين السكرئان وغيره، ويحكى أن هذا مذهب القاسمية والناصرية والمؤيد من الزيدية ويستدل ابن المرتضى لصحة هذا الرأى بقوله تعالى {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى)}.

ويقول: فمخاطبتهم حال السكر تقتضى تطليقهم) لكن ابن المرتضى يروى أيضا أن بعض علماء الزيدية الآخرين مثل الامام أحمد بن يحيى ويحيى بن الحسين وغيرهما يقولون: لا يقع طلاق السكران لزوال عقله كالصبى والمجنون (٧).

أما الإمامية: فلا يقع عندهم طلاق السكران، لأن من شروط‍ ايقاع الطلاق عندهم أن يكون المطلق عاقلا قاصدا (٨).

أما الإباضية فقد ورد فى (شرح النيل) ما نصه:

وطلاق السكران واقع ومحكوم عليه، لا طلاق المجنون اجماعا (٩) والمفهوم من مجموع كلامهم فى ذلك ان الزام السكران بطلاقه انما هو فى السكران المتعمد لسكر بشرب ما يسكر.

ومن ثم قالوا:

السكران بدواء شربه لا يلزمه طلاق والسكران بشراب نحو الخمر يلزمه (١٠).

العتق والنذر والبيع والشراء والردة والاقرار

والقتل والقذف والسرقة وسائر التصرفات:

يبدو أن موقف معظم فقهاء المذاهب الثمانية من سائر تصرفات السكران ومن حيث مدى الزامه بها بعد أفاقته - كان متفرعا بصورة عامة على مواقفهم السابقة من ايقاع طلاقه أو عدم ايقاعه.


(١) البداية وفتح القدير ج‍ ٣ ص ٣٤٠ - ٣٤٦
(٢) المدولة الكبرى ج‍ ٦ ص ٢٩ - ٣٠
(٣) الام ج‍ ٥ ص ٢٣٤
(٤) المغنى ج‍ ٧ ص ١١٤ - ١١٥
(٥) المحلى ج‍ ١٠ ص ٢٩
(٦) المرجع السابق.
(٧) البحر الزخار ج‍ ٣ ص ١٦٦
(٨) شرائع الإسلام ج‍ ٢ ص ٥٣
(٩) شرح النيل ج‍ ٣ ص ٦٢٣
(١٠) المرجع السابق.