للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكبير كلهم مخاطبون بالصوم فصوم رمضان فرض عليهم.

فان خافت المرضع على المرضع قلة اللبن وضيعته لذلك ولم يكن له غيرها أو لم يقبل ثدى غيرها أو خافت الحامل على الجنين، أو عجز الشيخ عن الصوم لكبره أفطروا ولا قضاء عليهم ولا إطعام، فان افطروا لمرض بهم عارض فعليهم القضاء لقوله تعالى: «فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ» وإنما وجب الفطر على الحامل والمرضع فى الخوف على الجنين والرضيع، لقول الله تبارك وتعالى «قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ» (١)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «من لا يرحم لا يرحم»

فإذ رحمة الجنين والرضيع فرض ولا وصول اليها إلا بالفطر، فالفطر فرض، واذ هو فرض فقد سقط‍ عنهما الصوم

واذا سقط‍ الصوم فايجاب القضاء عليهما شرع لم يأذن الله تعالى به.

وأما الشيخ الذى لا يطيق الصوم لكبره، فالله تعالى يقول «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (٢)، فاذا لم يكن الصوم فى وسعه فلم يكلفه، وأما تكليفهم إطعاما فقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام».

فلا يجوز لأحد ايجاب غرامة لم يأت بها نص ولا اجماع، أما قول الله تبارك وتعالى «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» (٣)، فقد نزلت هذه الآية فى الحبلى والمرضع والشيخ والعجوز.

وروى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أنه كان يقرأ الآية «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» يكلفونه ولا يطيقونه، قال: هذا الشيخ الكبير الهرم والمرأة الكبيرة الهرمة لا يستطيع الصوم يفطر ويطعم كل يوم مسكينا.

وقال جرير عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس مثله ومن طريق يحيى بن سعيد القطان عن عبد الرحمن بن حرملة قال سمعت سعيد بن المسيب يقول فى قول الله تعالى «وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ» هو الكبير الذى عجز عن الصوم والحبلى يشق عليها الصوم فعلى كل واحد منهما اطعام مسكين عن كل يوم. وعن الحسن وقتادة فى الشيخ الكبير والعجوز أنهما يطعمان مكان كل يوم مسكينا.

وعن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه أنه يتصدق عن كل يوم بدرهم.

وعن مكحول وطاووس ويحيى بن أبى كثير فيمن منعه العطاش (٤) من الصوم أنه يفطر ويطعم عن كل يوم مدا.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار (٥): أن الصائم ان فاته


(١) الآية رقم ١٤٠ من سورة الأنعام.
(٢) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ١٨٤ من سورة البقرة.
(٤) العطاش داء يصيب الإنسان فيشرب الماء فلا يروى.
(٥) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار وحواشيه ج ٢ ص ٢٨، ٢٩، ٣٠ نفس الطبعة.