للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متى يثبت حق استرداد الثمن

للمشترى ومتى يسقط‍:

يفرق الحنفية فى ثبوت حق استرداد الثمن للمشترى بين حق الاسترداد فى البيع الصحيح وحق الاسترداد فى البيع الفاسد فحق الاسترداد يثبت له اذا كان البيع صحيحا سواء كان الثمن منقودا أو غير منقود فقد جاء فى حاشية الشلبى (١):

اذا كان الثمن منقودا فى البيع الصحيح ثم انفسخ العقد بينهما بأى وجه كان فللمشترى أن يحبس المبيع حتى يستوفى الثمن الذى قبضه البائع، وذكر ابن عابدين (٢) أن الحكم كذلك اذا كان الثمن غير منقود بأن كان دينا فان المشترى له حق الحبس حتى يسترد دينه لانه لما وجد للمديون على المشترى مثل الدين صار الثمن قصاصا لاستوائهما قدرا ووصفا فاعتبر بما لو استوفيا حقيقة فكان له حق الحبس وكذلك يثبت للمشترى حق استرداد الثمن اذا وجد بالمبيع عيبا حدث عند البائع لان ذلك يعطيه الحق فى رد البيع فقد ذكر الزيلعى (٣) أن من وجد بالمبيع عيبا أخذه بكل الثمن أو رده لان مطلق العقد يقتضى السلامة من العيب فكانت السلامة كالمشروطة فى العقد صريحا والمراد به عيب كان عند البائع وقبضه المشترى من غير أن يعلم به ولم يوجد من المشترى ما يدل على الرضا به بعد العلم بالعيب وجاء فى موضع آخر (٤): فلو حدث عيب آخر عند المشترى لم يكن له حق الرد وانما له حق الرجوع بنقصانه فيتعين الرجوع بالنقصان فى ذلك الا أن يرضى البائع بأخذه ثم اذا رضى البائع بأخذ المبيع بعيبه فقد التزم القدر وليس له أن يرجع على المشترى كما لا يرجع المشترى على البائع بشئ اذا رضى بأخذ المعيب ومثل ذلك ما اذا اشترى ثوبا فقطعه فوجد به عيبا فانه يتعين أن يرجع بالعيب فقط‍ وليس له أن يرد المبيع ويسترد الثمن لان القطع عيب حادث وهو يمنع الرد ويوجب الرجوع بالنقصان وان قبله البائع كذلك له ذلك لان الامتناع لحقه وقد رضى به وان باعه المشترى لم يرجع بشئ لانه صار حابسا له بالبيع اذ الرد غير ممتنع بالقطع برضا البائع فكان مفوتا للرد بخلاف ما اذا خاطه ثم باعه حيث لا يبطل الرجوع بالنقصان لانه لم يصر حابسا له بالبيع لامتناع الرد قبله بالخياطة فلو قطعه أو خاطه أو صبغه أو لت السويق بسمن فاطلع على عيب رجع بنقصانه وانما يرجع بالنقصان لتعذر الرد بسبب الزيادة ونقل ابن عابدين (٥) عن الفتح والدر المنتقى أنه لو هلك المبيع بفعل البائع أو


(١) حاشية الشيخ الشلبى على تبيين الحقائق للزيلعى ج‍ ٤ ص ٦٦ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ج‍ ٤ ص ٧٧ الطبعة السابقة.
(٣) الزيلعى مع حاشية الشلبى ج‍ ٤ ص ٣١ الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٤ ص ٣٤ الطبعة السابقة.
(٥) حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج‍ ٤ ص ٥٧.