للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويلتزمون حدوده ومناهجه فتجب طاعتهم ..

وقيل هم أولو الرأى والتدبير والنظر في الشئون المختلفة كل في تخصصه واتجاهه يبحثون ويرسمون المناهج والخطط في مجالات الإصلاح وميادين العمل .. فيجب طاعتهم .. وقيل هم هؤلاء جميعا .. أقوال وآراء ..

وقد روى عن المغفور له الإِمام الشيخ محمد عبده أنه قال في تفسير هذه الآية كما جاء في تفسير المنار: "أن المراد بأولى الأمر هم جماعة أهل الحل والعقد من المسلمين وهم الأمراء والحكام والعلماء ورؤساء الجند وسائر الرؤساء والزعماء الذين يرجع إليهم الناس في الحاجات والمصالح العامة فهؤلاء إذا اتفقوا على أمر أو حكم يجب أن يطاعوا فيه بشرط أن يكونوا منا (من المسلمين).

وأن لا يخالفوا كتاب الله ولا سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرفت بالتواتر. وأن يكونوا مختارين في بحثهم الأمر واتفاقهم عليه .. وأن يكون ما يتفقون عليه من المصالح العامة .. وهو ما لأولى الأمر سلطة فيه ووقوف عليه ..

أما العبادات وما كان من قبيل الاعتقاد الدينى فلا يتعلق به أمر أهل الحل والعقد .. بل هو مما يؤخذ عن الله ورسوله فقط .. وليس لأحد رأى فيه إلا ما يكون في فهمه".

.. ويقول المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت في كتابه "من توجيهات الإسلام" (١) في بيان أهل الحل والعقد: "وليضمن الإِسلام تنفيذ أوامره - أمر أن تكون في الأمة جماعة دائمة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر .. وهذه الجماعة غالبا ما تكون من أهل العلم والبصر بأمور الدين والدنيا ومن كل ذى رأى وخبرة في ناحية من نواحى الحياة ..

وكل فرد من المسلمين يرى نفسه أهلا للقيام بذلك فحق عليه كالصلاة والزكاة والصيام والحج .. أن يدعو إلى الخير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ..

والغرض من ذلك ضمان صلاح المسلمين في دينهم ودنياهم وتقويم المعوج من أمر هم .. وبهذا يتضامن أفراد الأمة جميعا في كفالة مصالحها ودفع الشر عنها، وكل فرد هذا شأنه مسئول عن صالح الأمة مسئولية تامة لا يخلصه منها إلا أداؤها واحتمال تبعاتها بصبر وأمانة ..

ومن هذه المسئولية ينشأ التضامن الجماعى بين الأمة وتنشأ مسئولية الجماعة عن أمورها كافة وتحمل من تبعة فساد أمرها مثل ما يحمله الحاكم الذي جرى الفساد على يديه إن لم تكن مسئولياتها أكبر وأخطر.

والاتجاه في الحديث عن أهل الشورى أو أهل الحل والعقد لا يختلف كثيرًا ويتلاقى في أن هذه أو تلك جماعة من أهل الرأى والتدبير والبصر بشئون الدين والدنيا تقوم إلى جانب الإِمام ويعتمد عليها في التوجيه ورسم مناهج الإِصلاح وخطط السير في مختلف نواحى الحياة بما تضمه من تخصصات ويتمثل فيها من اتجاهات ..

وقد رأينا أن العلماء قد اشترطوا في الإِمام أن يكون من العلم والإطلاع في مرتبة الاجتهاد ليكون على رأس هذه الجماعة يتابع نشاطها ويوجه أعمالها وأبحاثها ..

[البيعة]

ثم ما هي البيعة التي عبر عنها عمر بن الخطاب - رضى الله تعالى عنه - بقوله لأبى بكر الصديق - رضى الله تعالى عنه -: "أمدد يدك


(١) توجيهات الإسلام للشيخ محمود شلتوت، ص ٥٦٣.