للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما عند غير الحنفية فهو اسقاط‍ فى غير الملك الثابت ومن ثم بطل التعليق والاصافة فيه.

وكذلك يشترط‍ فى الحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ أن يكون قابلا للاسقاط‍ شرعا كالحقوق التى ذكرناها وذكرنا العديد من أمثلتها.

فان كان الحق غير قابل للاسقاط‍ بحكم الشرع كحق الارث والرجوع فى الهبة، وولاية الأب والجد على الصغير، وملك الأعيان، أو لأنه ملك الغير، كالحدود التى هى حق لله تعالى، أو يغلب فيها حق الله تعالى والعدة ونسب الصغير، أو لتعلق حق الغير بها أو نحو ذلك، فأنه لا يصح فيها الاسقاط‍ ولا تسقط‍ به، وسيأتى تفصيل لذلك عند الكلام على ما يقبل الاسقاط‍ وما لا يقبله وهل يشترط‍ فى الحق الذى يرد عليه الاسقاط‍ أن يكون معلوما أو يصح الاسقاط‍ ولو مع جهالة المسقط؟ خلاف يرجع فى أساسه الى وجود معنى التمليك فى الابراء وهل هو غالب أولا.

ويبدو من ذلك أن الاسقاطات المحضة التى ليس فيها تمليك كأسقاط‍ حق القصاص وحق الشفعة وحق الدعوى لا يجرى فيها هذا الخلاف.

ومن ثم قالوا لو أبرأه ابراء عاما من كل الحقوق التى له عليه أو قبله تدخل هذه الحقوق وتسقط‍ بهذا الاسقاط‍ العام.

أما الابراء الذى فيه معنى التمليك فهو الذى يجرى فيه الخلاف على الوجه الآتى:

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية انه لا يشترط‍ لصحة الاسقاط‍ أن يكون الحق المبرأ منه معلوما بل يصح الابراء من المجهول أيضا.

جاء فى تكملة ابن عابدين اذا قال المدين للدائن (١) حاللنى من كل حق لك على ففعل الدائن صح ذلك وسقط‍ عن المدين ما علم وما لم يعلم. وذلك لأن اسقاط‍ المجهول للمعلوم صحيح وبه يفتى.

وفى الجزء الأول من هذه (٢) التكملة اذا أسقط‍ الدائن دينه عن المدين اجمالا بأن أسقط‍ عنه ماله عليه وقد كان فى ظنه أنه عشرة دراهم فتبين أنه مائة درهم مثلا سقطت المائة عن المدين قضاء اعتمادا على اطلاق البراءة وكذا ديانة عند أبى يوسف.

وقال محمد لا يسقط‍ فى الديانة الا عشرة دراهم.

وقال فى المحيط‍: هبة الدين ممن عليه الدين ابراء واسقاط‍ حقيقة فالجهالة فى الدين لا تمنع صحة الابراء.

ولو حلله من كل حق له عليه ولم يعلم بما عليه برئ حكما لا ديانة عند محمد.


(١) تكملة ابن عابدين على الدر المختار شرح تنوير الابصار ج ٢ ص ١٤٩ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ١ ص ٢٩١.