للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويجوز للمرأة أن تخالع زوجها على إسقاط حضانة ولدها وإمساكه للأب؛ لأن المعتمد أن التفرقة بين الأم وولدها الصغير حق للأم، فيسقط حقها من الحضانة وينتقل الحق فيها للأب ولو كان هناك من يستحقها قبله. إلا أن هذا مقيد بألا يخشى على المحضون ضررًا ما بعلوق قلبه بأمه؛ أو لأن مكان الأب غير حصين فلا يسقط حينئذ ذلك اتفاقًا؛ ويقع الطلاق مع هذا. وقيده بعضهم بألا يكون الأب على صفة من لا يستحق الحضانة لمانع قام به.

وهذا بخلاف ما إذا أعتق السيد أمته على أن تسلم له ولدها منه فيمسكه هو بدلا منها فإنه يلزم العتق ولا يلزمها ذلك، لتشوف الشارع إلى الحرية المترتبة على إعتاقه لها بخلاف الطلاق المترتب على الخلع فإنه أمر مبغوض شرعا (١).

وإذا ادعت المرأة بعد المخالعة أنها ما خلعت زوجها إلا عن ضرر يجوز لها التطليق به كأن يوقعه بها إمساكه لها في عصمته حتى تفتدى نفسها وأقامت بينة سماع أو قطع على ذلك فإن الزوج يلزمه أن يرد لها ما خلعها به وقد بانت منه؛ وكذا يسقط عنها ما التزمته من رضاع أولدها ونفقة حمل أو إسقاط حضانة. (٢)

[مذهب الشافعية]

لو أمسك الزوج زوجته مسيئا عشرتها لأجل إرثها ورثها في الأصح وكذلك لو كرهها. لا لزناها. فأمسكها مسيئا عشرتها بمنع حقها لأجل الخلع حتى اختلعت نفذ الخلع في الأصح إلا أنه يكون مكروها ويأثم بفعله ذلك.

أما إن كرهها لزناها ونحوه من كل محرم فأمسكها في عصمته وأساء عشرتها حتى اختلعت لم يكره الخلع وإن أثم بفعله، وعليه حمل قوله تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٣).

ويصح الخلع أيضا على إمساك الزوجة ولد الزوج منها أو من غيرها لإرضاعه وحضانته مدة معلومة، سواء كانت طويلة أو قصيرة. فإن امتنع الطفل من الارتضاع أو مات انفسخ العقد في الباقى من المدة فقط ويرجع الزوج عليها بقسْط الباقى من مهر مثلها (٤) ومن خولعت بحضانة ولدها من زوجها وإمساكه سنة مثلا ثم تزوجت في أثنائها لم ينزع الولد منها لأن ذلك إجارة والإجارة عقد لازم (٥)


(١) شرح الخرشي على مختصر خليل بحاشية العدوى السابق جـ ٤ ص ١٥، ١٦ وانظر أيضا الشرح الكبير بحاشية الدسوقى جـ ٢ ص ٣٥٥.
(٢) الشرح الكبير بحاشية الدسوقى جـ ٢ ص ٢٦٢.
(٣) الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية للسيوطى ص ١٥٢ القاعدة الثلاثون. مطبعة مصطفى البابي الحلبي الطبعة الأخيرة سنة ١٣٧٨.
وانظر أيضا أسنى المطالب شرح روض الطالب للأنصارى بحاشية الرملى الكبير جـ ٢ ص ٢٤١ طبعة المطبعة الميمنية بمصر سنة ١٣١٣.
(٤) أسنى المطالب السابق جـ ٢ ص ٢٥٢.
(٥) المرجع السابق ص ٢٦٣.