للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعلق البخارى على هذا فيقول: (١)

قال بعض مشايخنا إن الأمر المعلق بشرط كقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} أو المقيد بوصف كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا} يتكرر بتكرره وهو قول بعض أصحاب الشافعي ممن قال إن الأمر المطلق لا يوجب التكرار ولكن يحتمله. والمذهب الصحيح عندنا أنه لا يوجب التكرار ولا يحتمله سواء كان مطلقا أو معلقا بشرط أو مخصوصا بوصف.

وعلل البخارى للمذهب ورد على القائلين بالتكرار بما لا يخرج عما جاء في كلام الغزالى والآمدى بقوله: (٢)

إنه لا أثر للشرط في التكرار لأن قوله، اضربه إن لم يقتض التكرار فقوله: اضربه قائما أو إن كان قائما لا يقتضيه أيضا بل لا يزيده إلا اختصاص الضرب إلى يقتضيه الإطلاق بحالة القيام وهو كقوله لوكيله: طلق زوجتى دخلت الدار لا يقتضى التكرار بتكرر الدخول فكذلك قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وقوله عليه السلام: "وإذا زالت الشمس فصل، كقول الرجل لزوجاته "من شهدت منكن الشهر فلتطلق نفسها. فمن زالت عليها الشمس فلتطلق نفسها.

وأما تكرار أوامر الشرع فليس من موجب اللغة بل بدليل شرعى في كل شرط فقد قال تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} ولا يتكرر الوجوب بتكرر الاستطاعة. فإن أحالوا ذلك على الدليل أحلنا ما تكرر أيضا على الدليل. كيف ومن كان جنبا فليس عليه أن يطهر إذا لم يرد الصلاة فلم يتكرر مطلقا لكن اتبع فيه موجب الدليل كذا ذكر الغزالى رحمه الله

وأما اعتبارهم الشرط بالعلة فضعيف لأن العلة موجبة للحكم والموجب لا ينفك عن الموجب. قأما الشرط فليس بموجب. ولهذا يوجد الشرط بدون المشروط والمشروط بدون الشرط عندنا.

يوضح الفرق بينهما أن الحكم يقتصر ثبوته على العلة ولا يحتاج إلى أمر آخر. وثبوت المشروط لا يقتصر على الشرط بل يحتاج إلى موجب يوجبه وهو العلة. وأما الشروط المذكورة فيما استشهدوا فعلل أو في معنى العلل فلهذا تكررت الأوامر يتكررها.

[٢ - النسفى وابن الملك.]

لا يخرج مسلكهما عن مسلك البزدوى والبخاري (٣).

[ثالثا: المتأخرون]

[١ - صدر الشريعة]

يقول صدر الشريعة: (٤) "إذا كان الأمر معلقا بشرط أو مخصوصا بوصف فهو يقتضى التكرار والعموم عند بعض علمائنا - الحنفية" وعلل ذلك بأنه لتجدد السبب لا لمطلق الأمر. ثم قال: "وعند عامة علمائنا لا يحتملهما أصلا".

ويعلق على ذلك التفتازانى فيقول عن المذهب الأول: (٥).


(١) المصدر السابق.
(٢) المصدر السابق ص ١٢٨.
(٣) يراجع المنار ص ١٣٨.
(٤) التوضيح على التنقيح جـ ٢ من ٦٩.
(٥) المصدر السابق ص ٧١.