جاء فى شرح النيل (١) ان توريث الغرقى والهدمى يصح، ومثلهم، من ماتوا بحرق، أو فى قتال، ولا يدرى من مات أولا، أو علم اتحاد وقت موتهم، ورث بعضهم من بعض من صلب أموالهم، دون ما توارثوه، بمعنى أنه لا يضم مال ميت ورث ما ورثه من غيره، فهم يتوارثون فى الكل، على أنه مال واحد، كارث الأحياء للأموات، فان الحى يرث فى كل مال الميت، لا ما منعه مانع، أى لا يجوز ذلك هنا، أى لا يتوارثون فى الكل.
والحاصل أن كلا منهما لا يرث مما ورثه منه الآخر، كزوج وزوجة غرقى، لا يدرى من مات أولا، ولكل ألف درهم، فيقدر الزوج على أنه حى، ماتت زوجته قبله فيرث منها نصف ما تركت، خمسمائة درهم، ثم يقدر أنه حى وماتت زوجته بعده فترث من الألف التى كانت بيده أولا، ربعها مائتين وخمسين دون المئات الخمس التى ورث منها، فانها لا ترث منها.
وان شئت فقل: تحيى الزوجة فترث من زوجها الربع، مائتين وخمسين، ثم تمات ويحيى الزوج، فيرث النصف خمسمائة درهم من الألف، ولا يرث من المائتين والخمسين.
وما ذكره المصنف وذكرناه هو قول أصحابنا، وهو مروى عن على وعمر، وبه قال الكوفيون وجمهور البصريين.
وقال أهل المدينة، وزيد بن ثابت، وعمر ابن عبد العزيز، وجمهور الأمة: لا يرث بعضهم بعضا، وكل واحد يرثه سائر ورثته لا من غرق أو حرق، أو قتل مثلا معه اذ لا ارث بشك، ومن شرطه تحقق حياة الوارث، وقضى به عمر بن عبد العزيز.
قال العاصمى: ويمنع ميراث بجهل من سبق من مات بهدم أو غرق، وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم لا ميراث بشك، فاذا انتفى الميراث منهما رجع ميراث كل واحد للباقين من ورثته، ويقدر الميتان كمن لا قرابة بينهما، ولا سبب ارث.
وكذا روى عن خارجة بن زيد بن ثابت أنه قال: لا ميراث بين من قتل يوم الجمل، ولا يوم الحر، ولا يوم صفين، الا من علم أنه مات قبل صاحبه، وجعل ميراث كل واحد للأحياء من ورثته.
وروى قومنا عن عمر رضى الله تعالى
(١) من كتاب شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف أطفيش ج ٨ ص ٣٨٩ ص ٣٩٠، ص ٣٩٢ الطبعة السابقة.