للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فداءه وعلى أولياء الجناية إن اختار دفعه إليهم، ولو اختار المولى الدفع ثم قضى عليه بدفع العبد إلى أولياء الجناية كان له الرجوع على المدفوع إليه الجعل، وإنما كان الجعل على المولى إن اختار فداءه لأنه طهره عن الجناية باختياره فصار كإنه لم يجن وأحيا الراد ماليته بالرد عليه، وأما كون الجعل على أولياء الجناية إن اختار المولى دفعه بها فلأن الراد برده قد أحيا حقهم (١).

أما الموهوب له هذا الآبق فقد جاء عنه فى الزيلعى «فإن الجعل عليه وإن رجع الواهب فى هبته بعد الرد لأن الموهوب له هو المالك وزوال ملكه فى حالة رجوع الواهب بعد الرد إنما كان بتقصير منه وهو بتركه التصرف فيه فلا يسقط‍ عنه ما وجب عليه بالرد، أما إذا كان الآبق مغصوبا فإن جعله على الغاصب لأن ضمان جناية العبد المغصوب تكون على الغاصب، وإذا كان الأبق ملكا لصبى فجعله فى ماله لأنه مؤنة ملكه (٢)» وما دام الجعل يكون على المالك فى بعض الأحوال. «فإنه إذا كان الآبق مشتركا بين شخصين يكون على كل واحد من الجعل بقدر نصيبه فلو كان أحدهما غائبا فأعطى الحاضر الجعل كله للراد لا يكون متبرعا بنصيب الغائب لأنه لا يمكن أن يأخذه حتى يعطى تمام الجعل فيكون له الرجوع على الغائب بما أصابه من الجعل لأنه مضطر فيما أعطاه للراد إذ أنه لا يصل إلى نصيبه إلا بذلك (٣)».

[المالكية]

مقدار الجعل عندهم هو ما سماه الجاعل وسمعه العامل مباشرة أو بالواسطة وليس عندهم قدر معين شرعا فى الجعل كما هو عند الحنفية على نحو ما ذكرنا عنهم فقد قال الدردير فى الشرح الكبير: من سمع قائلا يقول: من يأتينى بعبدى الآبق مثلا فله كذا فأتاه به من غير تواطؤ فإنه يستحق ما التزمه الجاعل (٤).

وقد ينتقل الجعل من المسمى إلى جعل المثل فقد قال الدسوقى: لا يشترط‍ العلم بالمجعول عليه بل تارة يكون مجهولا كالآبق فإنه لا بد فى صحة الجعل على الإتيان به ألا يعلم مكانه فإن علمه ربه فقط‍ لزمه الأكثر مما سمى وجعل المثل وإن علمه العامل فقط‍ كان له بقدر تعبه عند ابن القاسم، وقيل لا شئ له وإن علماه معا فينبغى أن له جعل مثله نظرا لسبق الجاعل بالعداء (٥) وكذلك يستحق جعل المثل إذا لم يسمع العامل - ولو بالواسطة - الجاعل حينما سمى جعلا فى رد آبقه إذا كان هذا العامل من عادته رد الإباق فقد قال الدسوقى: «ولمن لم يسمع الجاعل أى لا مباشرة ولا بالواسطة وإلا استحق المسمى بتمام العمل وحاصله أنه إذا قال المالك من أتى بعبدى الآبق فله كذا فجاء شخص لم يسمع كلام ربه لا مباشرة ولا بالواسطة أو أن ربه لم يقل شيئا فجاء به


(١) الدر المختار وشرحه رد المختار (ابن عابدين) ج‍ ٣ ص ٣٥٩ طبعة دار الكتب العربية والزيلعى على الكنز ج‍ ٣ ص ٣١٠ الطبعة الأميرية.
(٢) الزيلعى على الكنز ج‍ ٣ ص ٣١٠.
(٣) الفتاوى الانقروبة ج‍ ١ ص ١٩٩ الطبعة الأميرية.
(٤) الدردير على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٦٠، ٦١ طبعة دار إحياء الكتب العربية.
(٥) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٦١ طبعة دار احياء الكتب العربية.