للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على المكره ضمان وأجزأ عن المعتق لتيقننا بوجوب هذا المقدار عليه. ولو قال لله على أن أتصدق بثوب هروى أو مروى فأكرهه على أن يتصدق بثوب بعينه فانه ينظر الى الذى تصدق به فان كان المعين محيطا بأنه أدنى ما يكون من ذلك الجنس فى القيمة وغيرها أجزأه ذلك ولا ضمان على المكره بالكسر لأنه ما الزمه بالاكراه الا ما يعلم أنه مستحق عليه بنذره شرعا. وان كان غيره أقل من قيمته نظر الى فضل ما بين القيمتين فغرم المكره بالكسر ذلك لأنه قد الزمه بالاكراه ما لم يكن واجبا عليه وهو الفضل وهذا بخلاف الهدى والأضحية والعتق لأن ذلك مما لا ينتقض فاذا ضمن المكره بالكسر بعضه صار ناقضا ما وجب عليه فلا يجزيه عن الواجب فلهذا يغرم المكره جميع القيمة. أما التصدق بالثوب فيحتمل التجزئة اذ لو تصدق بنصف ثوب جيد يساوى ثوبا لزمه اجزأه ذلك عن الواجب. وحيث قلنا بوجوب ضمان الزيادة على المكره نقول بوقوع الباقى على الناذر فيجزيه عن الواجب. واذا قال لله على أن أتصدق بعشرة أقفزة حنطة على المساكين فأكره بوعيد قتل على أن يتصدق بخمسة أقفزة حنطة جيدة تساوى عشرة أقفزة حنطة رديئة فالمكره بالكسر ضامن لطعام مثله لأن المؤدى لا يخرج عن جميع الواجب فانه لا معتبر بالجودة فى الأموال الربوية عند مقابلتها بجنسها ولا يمكن تجويزها عن خمسة أقفزة حنطة لأن فى ذلك ضررا على الناذر فالمكره ظالم له فى التزام الزيادة على الأدنى فلهذا يضمن له طعاما مثل طعامه وعلى الناذر أن يتصدق بعشرة أقفزة رديئة (١).

[مذهب الشافعية]

المكره على النذر لا يصح نذره للحديث الصحيح (رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) وقياسا على العتق وغيره (٢).

[الاكراه على ترك منذور أو على فعل يفسده]

لو نذر صلاة فى وقت فأكرهه عدو على تركها. أو على فعل مبطل لها وجب على الناذر القضاء لتعين الفعل فى الوقت. ولو نذر أن يصوم فى وقت فأكرهه العدو على تركه أو تعاطى مفطر لزمه القضاء لتعين الفعل فى الوقت.

[مذهب الزيدية]

لا يصح نذر المكره الا أن ينويه (٣).

[مذهب الإباضية]

المختار عندهم أنه لا يلزم مقهورا ومكرها نذر لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم:

(ليس على مقهور عقد ولا عهد أى فى شئ فلا يلزمه ما اكره عليه من نذر (٤).


(١) المبسوط‍ السرخسى ج‍ ٢٤ ص ١٤٦، ١٤٧
(٢) المجموع للنووى ج‍ ٨ ص ٤٥٠ وقليوبى على المحلى ج‍ ٤ ص ٢٨٨.
(٣) شرح الأزهار ج‍ ٤ ص ٤٤٠ والتاج المذهب ج‍ ٣ ص ٤٣٣.
(٤) شرح النيل ج‍ ٣ ص ٦٢٥.