للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد النبى الأمين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الهداة الراشدين، ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. … أما بعد

فان شريعة الاسلام هى المحجة البيضاء، والصراط‍ المستقيم، شرعها الله تعالى بعلمه، وأنزلها على خاتم أنبيائه ورسله، ووفر لها من أسباب القوة والحفظ‍ ما جعلها خالدة على الدهر، معصومة عن أن تميل الى باطل، أو تنحرف الى ضلال، ويسر لها، منذ عهد الصحابة والتابعين ومن جاءوا بعدهم، أقواما آمنوا بها، وأخلصوا لها، فشمروا عن سواعد الجد فى خدمتها، وتجلية أحكامها وأدلتها، وتوسيع آفاقها، وبيان أصولها وفروعها، ودراسة أحوال الناس على ضوئها، وفى نطاق مبادئها وقواعدها، حتى أصبحت بحورها زاخرة، ورياضها ناضرة، ونجومها زاهرة، وتبين للناس أنها محيطة بكل ما يعرض لهم من شئون الحياة فى جوانبها العقيدية والعبادية والتعاملية والنظامية والادارية والحكمية والسياسية والاجتماعية، وفى مختلف الصلات التى تكون بين الأفراد فى داخل الأمة، وبين الأمة وغيرها من المسالمين أو المحاربين، كل ذلك على نحو يكفل حل المشكلات، ودفع المحرجات، وتيسير الصعاب، كما يكفل أسباب السعادة والأمن والعدل والقوة والاستقامة على النهج الراشد والمثل الأعلى.

ولقد كان الفقه الاسلامى فى مختلف العصور، مظهرا من مظاهر عناية الأمة بهذه الشريعة المطهرة: شريعة العدل والرحمة والاصلاح، وكانت المذاهب التى تستند الى أصوله الثابتة، وقواعده المقررة، مدارس للنظر والبحث والاستنباط‍ والترجيح اعتمادا على الأدلة المستمدة من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما استند اليهما من اجماع صحيح، أو قياس واضح، أو أدلة ظنية، أو قواعد أصولية أو فقهية.

وقد دونت فى ذلك كله كتب نافعة، ومصنفات جامعة، تحوى آراء أصحاب المذاهب، وأقوال متبعيهم، وترجيحات مرجحيهم، حتى أصبحت المكتبة الفقهية

<<  <  ج: ص:  >  >>