للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الربيع: وفيه قول آخر أنه لا يفسخ البيع إلا ببينة تقوم لأن بيع الوالى كبيع صاحبة فلا يفسخ بيعه إلا ببينة أنه أعتقه قبل بيعه» (١).

والشافعى قد جعل الآبق والضال متماثلان فى هذا الحكم لأنهما فى حكم اللقطة فقد جاء عنه فى الأم: «وإذا كان فى يدى رجل العبد الآبق أو الضال من الضوال فجاء سيده فمثل اللقطة».

[الحنابلة]

يرى الحنابلة أنه يجوز للمالك بيع عبده الآبق فى بعض الحالات فقد جاء فى الشرح الكبير لابن قدامة المقدسى «ولا يجوز بيع المغصوب لعدم امكان تسليمه فان باعه لغاصبه أو لقادر على أخذه منه جاز لعدم الغرر فيه ولامكان قبضه، وكذلك إن باع الآبق لقادر عليه صح كذلك وإن ظن أنه قادر على استنقاذه ممن هو فى يده صح البيع فإن عجز عن استنقاذه منه فله الخيار بين الفسخ والإمضاء لأن العقد صح لكونه مظنون القدرة على قبضه وثبت له الفسخ للعجز عن القبض» (٢).

أما الإمام أو نائبه كالقاضى فإنه يبيعه إذا رأى المصلحة فى ذلك فقد جاء فى المغنى لابن قدامة:

«وإن لم يجد (أى الآخذ) سيده دفعه إلى الإمام أو نائبه فيحفظه لصاحبه أو يبيعه إن رأى المصلحة فى بيعه» (٣).

وأما الآخذ فإنه لا يجوز له بيعه فقد جاء فى المغنى لابن قدامة: «وليس لملتقطه بيعه ولا تملكه بعد تعريفه لأن العبد يتحفظ‍ بنفسه فهو كضوال الإبل فإن باعه فالبيع فاسد» (٤).

[الزيدية]

يرى بعض الزيدية أن بيع العبد الآبق لا يجوز ويرى بعض آخر أنه موقوف ويرى بعض ثالث أنه يجوز لمن يكون فى يده وهذا يظهر من عبارة صاحب البحر الزخار: عن الهادى والمؤيد بالله: ولا «معطوف على عدم جواز البيع فيما سبق» العبد الآبق والمسروق والفرس الشارد ونحوه، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر … ثم نسب «إلى تخريج أبى العباس أحمد بن ابراهيم الهاشمى الحسينى الذى كان إماميا ثم تزيد وإلى المؤيد بالله أحمد بن الحسين الحسنى الآملى والى أبى طالب يحيى بن الحسين»: يصح موقوفا على التسليم لعموم: «وأحل الله البيع وحرم الربا» (٥) مع خيار التعذر وقد رده صاحب البحر بقوله: «قلنا يلزم فى الطير» أى مع أن هؤلاء لم يقولوا به ونسب إلى العترة:

«فأما إلى من أبق إليه فيجوز إذ لا غرر (٦)»

وخيار التعذر الذى ذكره هو الذى يكون للبائع والمشترى مدة ثلاثة أيام عند بيع ما يتعذر تسليمه فى الحال وقيل للمشترى فقط‍ إن جهل لا إن علم (٧).

[الظاهرية]

يرى ابن حزم الظاهرى أن بيع الآبق جائز: عرف مكانه أو لم يعرف دون تفصيل فى المشترى من حيث قدرته على أخذه أو معرفته لمكانه أو غير ذلك فقد جاء فى المحلى


(١) ج‍ ٤ ص ٦٨ نشر مكتبة الكليات الأزهرية.
(٢) ج‍ ٤ ص ٢٨ طبعة المنار سنة ١٣٤٧ هـ‍.
(٣) ج‍ ١ ص ٣٥٧ الطبعة السابقة.
(٤) ج‍ ٤ ص ٢٥٧ الطبعة السابقة.
(٥) سورة البقرة: ٢٧٥.
(٦) ج‍ ٣ ص ٣١٣ الطبعة الأولى سنة ٩٤٩.
(٧) ج‍ ٢ ص ٣٥٤ الطبعة السابقة.