قال أبو محمد وبهذا نأخذ - لانه قد عقد الأيمان السالفة ولم يستثن فيها وقطع الكلام فيها وأخذ فى كلام آخر فبطل أن يتصل الاستثناء بها فوجب الحنث فيها ان حنث والكفارة. وكان الاستثناء فى اليمين التى اتصل بها.
[مذهب الزيدية]
ويصح الاستثناء فى اليمين عند الزيدية لقوله صلى الله عليه وسلم (من استثنى فله ثنياه) والثنيا بالضم - كالرجعى والبشرى - الاستثناء. سواء كان من المحلوف منه كقوله. والله لا أكلم الناس الا زيدا أو لا ألبسن الثياب الا الحرير أو لا آكلن الطعام الا البر حيث يحلف من الجنس العام ويستثنى بعض أفراده فالاستثناء هنا من المحلوف منه. أو كان من المحلوف عليه. كأن يحلف على نسائه ليدخلن الدار الا فاطمة. فهذا استثناء من المحلوف عليه.
ويشترط فى الاستثناء أن يكون متصلا وقول ابن عباس يصح متراخيا. وما ورد من التحديد بسنة أو أقل أو أكثر ليس القصد منه التحديد بمدة وأنما الغرض منه أن الفصل بزمن لا يضر طال هذا الزمن أو قصر.
وأن لا يكون مستغرقا للمستثنى منه.
فان كان مستغرقا بطل الاستثناء وبقى المستثنى منه تابعا .. وفى حكم المستغرق كل عبد لى حر الا هذا وليس له عبد سواه. وكل زوجة لى طالق الا هذه ولا زوجة له سواها بخلاف ما لو قال: هاتان طالقتان وأشار الى زوجتين له الا هذه.
أو قال زينب وفاطمة طالقتان الا فاطمة حيث لا يصح الاستثناء لانه يكون رجوعا عن الطلاق بعد وقوعه بالفعل نتيجة للتعيين بالاشارة أو بالاسم فى المستثنى منه ولانه عموم فى المستثنى منه كما هو ظاهر.
ويشترط أن يكون الاستثناء ملفوظا فلا يجوز الاستثناء بالنية الا فيما بينه وبين الله فقط حيث يجوز ويصدق فيما نواه سواء كان لفظ العام المستثنى منه والذى أريد تخصيصه بالنية أو أريد به خاص.
ملفوظا ومنطوقا به فى الكلام أولا. فلو قال: والله لا آكل الطعام وقال: نويت به البر أو قال: نويت الا البر صح فيهما وصدق فيما قاله ويكون من قبيل العام الذى أريد به الخصوص فى الاول ومن قبيل العام المخصوص فى الثانى .. وكذلك لو قال:
والله لا أكلم الناس وقال قصدت به عمرا أو قصدت الا عمرا. فالعام المستثنى منه مذكور ومنطوق به فى المثالين .. ولو قال:
والله لا أكلم زيدا .. أو والله لا آكل ..
وقال: أردت عاما فى الاول وهو لا أكلم زيدا بشئ أولا أكلمه أبدا. وأردت عاما فى الثانى وهو لا آكل شيئا - صح ذلك منه ويصح أن يستثنى من هذا العام المقدر ما شاء بالنية كأن يقول: عنيت الكلام فى شأن معين أو الا أشارة. أو يقول: عنيت لا آكل مطبوخا أو ألا خبزا.