للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باكراهه وبه الحكم - أى القضاء ان ثبت عند الحاكم أنه من أهل التهم كما فى معين الاحكام ومتن التحفة لابن عصام ونسبه فيها لمالك. والأول هو المشهور والأوفق بقواعد الشرع. قال عبد الباقى والمعتمد ما قاله سحنون وحمل ما فى المدونة على غير المتهم على أنه وقع فيها محملان.

أحدهما: صريح فى عدم العمل باقرار المكره.

ثانيهما: حلف المتهم وسجنه وتهديده، واستشكله البرزلى بأنه لا فائدة من سجنه لعدم العمل باقرار المكره كما هو مفاد المدونة أولا. قال وجمع الغربانى بينهما: يحمل أول كلامهما على ما اذا كان المسروق لا يعرف بعينه لاحتمال أن يأتى بشئ غير المسروق من خوفه. وحمل آخر كلامهما على ما اذا كان المسروق يعرف بعينه فيهدد المتهم ويسجن رجاء أن يقر ثم قال ويجمع بينهما: يحمل أول كلامهما على غير المتهم وآخره على المتهم كقول سحنون بهذا علم أن ما قاله سحنون موافق للمدونة على أحد التأويلين. فاذا أقر مكرها على ما ذهب اليه خليل وأخرج بعض المسروق أخذ بما أقر به من السرقة ان مما يعرف بعينه بناء على تأويل الغربانى ويؤاخذ بما أقر به من السرقة مطلقا أى سواء كان مما يعرف بعينه أم لا ان كان متمها بناء على تأويل البرزلى (١).

[مذهب الشافعية]

لا يصح اقرار مكره على الاقرار لقوله تعالى الا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان فاذا أسقط‍ أثر الكفر فبالأولى غيره ويقبل قوله فى الاكراه مع قرينه وتقدم بينته على بينة الاختيار ان لم تشهد بتقدم اكراه عليه. ولو أقر بالطواعية فى نحو بيع ثم ادعى الاكراه عليه لم يقبل الا بينة أنه أكره على الطواعية ولو أكره ليصدق صح اقراره ولو كان الاكراه بالضرب واستشكله الأذرعى وهو حقيق بالاشكال خصوصا فى هذا الزمان الذى فسد فيه أمر الولاة (٢).

[مذهب الحنابلة]

لا يصح اقرار المكره بما أكره عليه لقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم «رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه» ولأنه قول اكراه عليه بغير حق فلم يصح كالبيع.

وان أقر بغير ما أكره عليه مثل أن يكره على الاقرار لرجل فأقر لغيره. أو بنوع من المال فيقر بغيره أو على الاقرار بطلاق امرأة فأقر بطلاق أخرى. أو أقر بعتق عبد صح لأنه أقر بما لم يكره عليه فصح كما لو أقر به ابتداء.

ولو أكره على أداء مال فباع شيئا من ماله ليؤدى ذلك صح بيعه نص عليه أحمد لأنه لم يكره على البيع (٣). ولو أكره بالضرب ليقر بالزنا لم يجب عليه الحد. ولم يثبت عليه الزنا.

ولا نعلم من أهل العلم خلافا فى أن اقرار المكره لا يجب به حد. وروى عن عمر رضى الله عنه أنه قال ليس الرجل بأمين على نفسه اذا جوعته أو ضربته أو أوثقته رواه سعيد بن المسيب. وقال ابن شهاب فى رجل اعترف بعد


(١) الدسوقى على الشرح الكبير ج‍ ٤ ص ٣٤٥.
(٢) قليوبى وعميرة على المحلى ج‍ ٣ ص ٤.
(٣) المغنى والشرح ج‍ ٥ ص ٢٧٣.