للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يحل لأحد أن يؤم وهو ينظر ما يقرأ به فى المصحف لا فى فريضة ولا نافلة. فان فعل عالما بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته وصلاة من ائتم به عالما بحاله بأن ذلك لا يجوز.

قال على: من لا يحفظ‍ القرآن فلم يكلفه الله تعالى قراءة ما لا يحفظ‍. لأنه ليس ذلك فى وسعه قال تعالى: ({لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها}).

فاذا لم يكن مكلفا ذلك فتكلفه ما سقط‍ عنه باطل ونظره فى المصحف عمل لم يأت باباحته فى الصلاة نص.

وقد قال عليه السّلام: ان فى الصلاة لشغلا، وكذلك صلاة من صلى معتمدا على عصا أو الى حائط‍ لضعفه عن القيام لأنه لم يؤتمر بذلك. وحكم من هذه صفته أن يصلى جالسا وليس له أن يعمل فى صلاته ما لم يؤمر به. ولو كان ذلك فضلا لكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أولى بذلك. لكنه لم يفعله بل صلى جالسا اذ عجز عن القيام وأمر بذلك من لا يستطيع فصلاة المتعمد مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال عليه السلام من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد.

وهو قول سعيد بن المسيب والحسن (١) وغيرهما.

ولا تجوز امامة من لم يبلغ الحلم لا فى فريضة ولا نافلة ولا أذانه. حجته فى ذلك ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلّم من اقرار وقول وعمل. ولو علمنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف هذا أو أقره لقلنا به.

فأما اذا لم يأت بذلك أثر فالواجب عن التنازع أن يرد ما اختلفنا فيه الى ما افترض الله علينا الرد اليه من القرآن والسنة فوجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: اذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم اقرؤكم، فكان المؤذن مأمور بالأذان والامام مأمور بالامامة بنص هذا الخبر. ووجدناه صلّى الله عليه وسلّم قد قال:

ان القلم رفع عن الصغير حتى يحتلم فصح أنه غير مأمور ولا مكلف. فاذ هو كذلك فليس هو المأمور بالأذان ولا بالامامة واذ ليس مأمورا بهما فلا يجزئان الا من مأمور بهما. لا ممن لم يؤمر بهما. ومن ائتم بمن لم يؤمر أن يأتى به. وهو عالم بحاله. فصلاته باطلة فان لم يعلم بأنه لم يبلغ وظنه رجلا بالغا. فصلاة المؤتم به تامة كمن صلى خلف جنب أو كافر لا يعلم بهما ولا فرق.

وأما الفرق بين امامة من لم يبلغ فى الفريضة وبين امامته فى النافلة. فكلام لأوجه له أصلا.

لأنه دعوى بلا برهان (٢).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: أن الصلاة تفسد باختلال شرط‍ أو فرض. فيقضى العامد مطلقا والجاهل والناسى بعيدان فى الوقت لا بعده (٣).

هذا ومما يفسد الصلاة نحو الأكل والشرب من الأفعال الكثيرة. كاللطمة والضربة والخياطة والوراقة ووضع اليد اليمنى على اليسرى أو العكس. كما أنه يفسد نحو ثلاث خطوات متوالية فما فوقها وأما الانحراف عن القبلة فان كان يسيرا لم يضر وان كان كثيرا أفسد وقد حد اليسير بقدر التسليم فما زاد على التفات التسليم أفسد. والانحراف المفسد له صورتان أحدهما أن يزيد فى انحرافه على التفات التسليم وذلك حيث ينحرف عن القبلة بخديه معا والصورة الثانية أن يلتفت قدر التفات التسليم ثم يستمر


(١) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٢٢٣ مسألة رقم ٤٩٣ الطبعة السابقة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٤ ص ٢١٧، ص ٢١٧، ص ٢١٨، ص ٢١٩ مسألة رقم ٤٩٠ الطبعة السابقة.
(٣) البحر الزخار ج ١ ص ٢٨٦