للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد المستحق قدر حقه ولأن القسمة افراز حق أحدهما من الآخر وقد أفرز كل واحد منهما حقه الا أن يكون ضرر المستحق فى نصيب أحدهما أكثر مثل أن يسد طريقه أو مجرى مائه أو ضوئه أو نحو هذا فتبطل القسمة لأن هذا يمنع التعديل.

وان كان المستحق فى نصيب أحدهما أكثر من الآخر بطلت لما ذكرناه وان كان المستحق مشاعا فى نصيبهما بطلت القسمة كذلك لأن الثالث شريكهما وقد اقتسما من غير حضوره ولا أذنه فأشبه ما لو كان لهما شريك يعلمانه فاقتسما دونه وان كانا يعلمان المستحق حال القسمة أو احدهما فالحكم فيها كما لو يعلمان (١).

واذا ظهر فى نصيب أحدهما عيب لم يعلمه قبل القسمة فله فسخ القسمة أو الرجوع بأرش الغيب لأنه نقص فى نصيبه فملك ذلك كالمشترى ويحتمل أن تبطل القسمة لأن التعديل فيها شرط‍ ولم يوجد بخلاف البيع (٢).

واذا اقتسما دارين فأخذ كل واحد منهما دارا وبنى فيها أو اقتسما أرضين فبنى أحدهما فى نصيبه أو غرس ثم استحق نصيبه ونقض بناؤه وقلع غرسه فانه يرجع على شريكه بنصف البناء والغرس لأن هذه القسمة بمنزلة البيع فان الدارين لا يقسمان قسمة اجبار على أن تكون كل واحدة منهما نصيبا وانما يقسمان كذلك بالتراضى فتكون جارية مجرى البيع ولو باعه الدار جميعها ثم بانت مستحقة رجع عليه بالبناء كله فاذا باعه نصفها رجع عليه بنصفه وكذلك يخرج فى كل قسمة جارية مجرى البيع وهى قسمة التراضى الذى فيه رد عوض وما لا يجير على قسمته لضرر فيه ونحو ذلك (٣).

واذا اقتسم الورثة تركة الميت ثم بان عليه دين لا وفاء له الا مما اقتسموه لم تبطل القسمة لأن تعلق الدين بالتركة لا يمنع صحة التصرف فيها لأنه تعلق بها بغير رضاهم فأشبه تعلق دين الجناية برقبة الجانى ويفارق الرهن لأن الحق يتعلق به برضا مالكه واختياره فعلى هذا يقال لورثة ان شئتم وفيتم الدين والقسمة بحالها وان شئتم نقضت القسمة وبيعت التركة فى الدين فان أجاب أحدهم وامتنع الآخر ببيع نصيب الممتنع وحده وبقى نصيب المجيب بحاله وان كان ثم وصية يجزء من المقسوم فالحكم فيه كما لو ظهر مستحقا على ما مر من التفصيل فيه لأنه يستحق أخذه وان كانت الوصية بمال غير معين مثل أن يوصى بمائة دينار فحكمها حكم الدين (٤).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أنه لا يحل لأحد من الشركاء انفاذ شئ من الحكم فى جزء معين مما له فيه شريك ولا فى كله سواء قل ذلك الجزء أو أكثر لا بيع ولا صدقة ولا هبة ولا اصداق ولا اقرار فيه لأحد ولا تحبيس ولا غير ذلك كمن باع ربع هذا البيت أو ثلث هذه الدار أو ما أشبه ذلك أو كان شريكه حاضرا أو مقاسمته له ممكنة لأن كل ما ذكرنا كسب غيره لأنه لا يدرى أيقع له عند القسمة ذلك الجزء أم لا وقد قال الله تعالى «وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ}


(١) المغنى لموفق الدين محمد عبد الله بن أحمد بن محمود بن قدامة على مختصر الامام أبى القاسم عمر بن أبى عبد الله بن حمد الخرقى ج ١١ ص ٥٠٨، ٥٠٩ فى كتاب أسفله الشرح الكبير على متن المقنع لشمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة الطبعة الأولى طبعة بالمنار بمصر ١٣٤٨
(٢) المرجع السابق ج ١١ ص ٥٠٩ نفس الطبعة
(٣) المرجع السابق ج ١١ ص ٥١٠
(٤) المرجع السابق ج ١١ ص ٥١٠، ص ٥١١، ص ٥١٢