للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعضهم المضمضة باليمين والاستنشاق باليسار، لأن الفم مطهرة والأنف مقذرة واليمين للاطهار واليسار للأقذار، والدليل على ذلك ما روى عن الحسن بن على رضى الله عنهما أنه استنثر بيمينه فقال له معاوية: جهلت السنة، فقال الحسن رضى الله عنه: كيف أجهل والسنة خرجت من بيوتنا، أما علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اليمين للوجه واليسار للمقعد.

ومن السنة كذلك المبالغة فى الاستنشاق الا فى حال الصوم فبرفق، لما روى أن النبى صلي الله عليه وسلّم قال: للقيط‍ بن صبرة: بالغ فى المضمضة والاستنشاق الا أن تكون صائما فارفق ولأن المبالغة فيهما من باب التكميل فى التطهير فكانت مسنونة الا فى حال الصوم لما فيه من تعريض الصوم للفساد.

والمبالغة فى الاستنشاق تكون بمجاوزة الماء لمارن الأنف، ومن السنة تأخير الاستنشاق عن المضمضة، لأن النبى صلّى الله عليه وسلّم كان يقدم المضمضة على الاستنشاق.

ومن السنة افراده بماء على حدة لان الذين حكوا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذوا لكل واحد من المضمضة والاستنشاق ماءا جديدا، ولأنهما عضوان منفردان فيفرد كل واحد منهما بماء على حدة كسائر الأعضاء، وما روى من أن الرسول الله صلّى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق بكف واحد يحتمل أنه فعل ذلك بماء على حدة، فلا يكون حجة مع الاحتمال أو يرد المحتمل الى المحكم وهو ما ذكرنا توفيقا بين الدليلين.

ولو (١) أخذ ماء فمضمض ببعضه واستنشق بباقيه أجزأه عن أصل المضمضة والاستنشاق ويكون قد فاته سنة التجديد.

ولو عكس بأن قدم الاستنشاق على المضمضة لا يجزئه لصيرورة الماء مستعملا كما فى البحر، لأن ما فى الأنف لا يمكن امساكه بخلاف ما فى الفم، والمراد لا يجزئه عن المضمضة لأن الاستنشاق صح، وهل يدخل أصبعه فى أنفه؟ الأولى نعم.

ومن السنة التثليث فى الاستنشاق.

وفى البحر عن المعراج ان ترك التكرار مع الامكان لا يكره وأيده فى الحلية بأنه ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق مرة كما أخرجه أبو داود.

قال ابن عابدين: وينبغى تقييده بما اذا لم يجعل الترك عادة له ..

[مذهب المالكية]

الاستنشاق (٢) سنة فى الوضوء قال فى التوضيح هو المعروف.


(١) حاشية ابن عابدين على الدر ج‍ ١ ص ١٠٨
(٢) الحطاب على مختصر خليل وبهامشه التاج والاكليل للمواق ج ١ ص ٢٤٦ الطبعة السابقة.