للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالبيع (١)، فاذا اقترن ايجاب الهبة بالوقت بأن قال أعمرتك هذه الدار، أو صرح فقال: جعلت هذه الدار لك عمرى، أو قال: جعلتها لك عمرك، أو قال:

هى لك عمرك، أو حياتك فاذا مت أنت فهى رد على، أو قال: جعلتها لك عمرى أو حياتى فاذا مت أنا فهى رد على ورثتى فهذا كله هبة وهى للعمر له فى حياته ولورثته بعد وفاته، والتوقيت باطل، والأصل فيه ما روى عن رسول الله صلى عليه وسلم: أنه قال: أمسكوا عليكم أموالكم لا تعمروها فان من أعمر شيئا فانه لمن أعمره، وروى جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فانها للذى يعطاها لا يرجع الى الذى أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث. وعن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم من اعمر عمرى حياته فهى له ولعقبه يرثها من يرثه من بعده فدلت هذه النصوص على جواز الهبة وبطلان التوقيت، لأن قوله جعلت لك هذه الدار أو هى لك تمليك العين للحال مطلقا ثم قوله عمرى توقيت التمليك وهو تغيير لمقتضى العقد. وكذا تمليك الأعيان لا يحتمل التوقيت نصا كالبيع فكان التوقيت تصرفا مخالفا لمقتضى االعقد والشرع فبطل وبقى العقد صحيحا (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل نقلا عن المدونة أن من قال قد أعمرتك هذه الدار حياتك أو قال هذه الدابة أو هذا العبد جاز ذلك وترجع بعد موته الى الذى أعمرها أو الى ورثته.

ومن قال دارى هذه لك صدقة سكنى فانما له السكنى دون رقبتها، وان قال له قد أسكنتك هذه الدار وعقبك من بعدك، أو قال هذه الدار لك ولعقبك سكنى فانها ترجع اليه ملكا بعد انقراضهم فان مات فالى أولى الناس به يوم مات أو الى ورثتهم، لأنهم هم ورثته، واذا قال أعمرتك ولم يقل حياتك أو حياتى ولم يضرب لها أجلا فهى عمرى، وكذلك أسكنتك (٣).

والعمرى ثلاثة مقيدة بأجل أو حياة المعمر ومطلقة ومعقبة.

فان كانت مقيدة بأجل فقال أعمرتك هذه الدار سنة أو عشرا أو حياتى أو حياتك كانت على ما أعطى.

وان أطلق ولم يقيد كان محمله على عمر المعطى حتى يقول عمرى أو حياتى.


(١) بدائع الصنائع ج ٦ ص ١١٨ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ١١٦ نفس الطبعة.
(٣) مواهب الجليل لشرح مختصر خليل لأبى عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن المعروف بالحطاب ج ٦ ص ٦١ فى كتاب الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٩ هـ‍.