للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[أنواع الاسقاط‍]

الاسقاطات كثيرة منها ما تميز فى اصطلاح الفقهاء باسماء معينة وذكرت أبحاثه وفروعه وأحكامه فى أبواب خاصة وفصول مستقلة كالطلاق لاسقاط‍ ملك منافع البضع، والعتق لاسقاط‍ ملك رقبة المملوك، والابراء لاسقاط‍ الحق الثابت فى الذمة أو المقرر قبل شخص آخر والعفو عن القصاص لاسقاط‍ حق القصاص.

جاء فى فتح القدير للكمال بن الهمام من أول كتاب (١) العتق: اشترك كل من الطلاق والاعتاق فى أنه اسقاط‍ الا أن العتق اسقاط‍ ملك الرقبة والطلاق اسقاط‍ ملك منافع البضع - وأما اسقاط‍ ملك ما فى الذمة فيسمى ابراء. واسقاط‍ القصاص يسمى عفوا، فقد ميزت أنواع الاسقاطات بأسماء لينسب اليها مع اختصار.

وهناك أنواع كثيرة لم تميز باسماء معينة.

والاسقاطات. منها ما هو اسقاط‍ محض ليس فيه تمليك كالطلاق والعتق والعفو عن القصاص اذا وقعت مجردة ولم تكن فى مقابلة مال أو بدل، وما هو اسقاط‍ من وجه وتمليك من وجه كالابراء من الدين وهبة الدين أو التصدق به ممن عليه الدين.

ذكر الفقهاء أن هناك اسقاطا محضا ومثلوا له بالامثلة المذكورة وأن هناك اسقاطا فيه معنى تمليك، أو هو اسقاط‍ من وجه وتمليك

من وجه ومثلوا له بالابراء من الدين ولم يذكروا كلاما واضحا واقعا يظهر منه الفرق بين النوعين، وقد أشرنا فيما سبق عند الكلام على الفرق بين التمليك والاسقاط‍ الى أن الفقهاء قالوا: ان الابراء من الدين وهبة الدين ممن عليه الدين فيه معنيان، معنى الاسقاط‍ بالنسبة للدائن بتخليته عن دينه وعن المطالبة به وسقوطه من عناصر ثرائه، ومعنى التمليك بالنسبة للمدين، لأن الدين الذى كان مطالبا به دخل فى ملكه وزاد ثراؤه بمقداره بعد أن كان واجبا عليه الوفاء به واقتطاع قدره من ملكه واعطاؤه للدائن، وهذا أقصى ما يمكن أن يفرق به بين الاسقاطات المحضة والتى فيها معنى التمليك.

ومنها ما يقتضى البراءة من كل وجه ويسقط‍ فيه الحق نفسه قضاء وديانة كالاسقاط‍ الحاصل بالصلح أو ضمن الصلح اذا كان الصلح عن اقرار أو كان عن انكار وصاحبه ابراء خاص من باقى الحق المصالح عنه أو ابراء عام من كل الحقوق.

ومنها ما لا يقتضى البراءة من كل وجه ويسقط‍ فيه الحق قضاء لا ديانة، أى يسقط‍ به حق الدعوى والمطالبة بالحق عند القاضى، أما نفس الحق فلا يسقط‍ بل يبقى قائما فيما بين المسقط‍ عنه وبين الله تعالى، ومن ثم يجب عليه شرعا أن يؤدى هذا الحق الى صاحبه فيما بينه وبين الله تعالى، وذلك كما فى حالة الصلح عن انكار اذا لم يصاحبه ابراء من الحق أو ابراء عام.


(١) فتح القدير شرح الهداية وبهامشه العناية ج ٣ ص ٣٥٦ طبع المطبعة الاميرية بمصر.