للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما سكوت المدعى عليه فان كان لآفة من طرش أو خرس توصل الحاكم الى معرفة الجواب بالاشارة المفيدة لليقين ولو بمترجمين عدلين.

وان كان السكوت عنادا حبس حتى يجيب على قول الشيخ فى النهاية لأن الجواب حق واجب عليه.

فاذا امتنع منه حبس حتى يؤديه أو يحكم عليه بالنكول بعد عرض الجواب عليه بأن يقول له أن أجبت والا جعلتك ناكلا.

فان أصر حكم بنكوله على قول من يقضى بمجرد النكول.

ولو اشترطنا معه احلاف المدعى أحلف بعده (١).

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل: قال أبو محمد خصيب رحمه الله تعالى: وأعلى رتبة فى الاسلام قطع شكوى المظلوم بالانصاف له من ظالمه بالحكم او بالردع والزجر أو بالأمر والنهى أو غير ذلك، أى يقطع ذلك فى الدنيا عن الاشتكاء الى الله فيها أو فى الآخرة أو فيهما سواء قطعها تحقيقا عند الله أو عكس بحيث يعذر لأنه يحكم بالظاهر فاذا حكم بالظاهر فله أجر من وافق الحق عند الله ولو لم يوافق الحق عنده بحيث يعذر لأن نيته انفاذ الحق، والحكم انما يجرى على الظاهر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انما أنا بشر مثلكم تختصمون الى فاحكم بينكم ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض فأقضى له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بشئ من حق أخيه فلا يأخذ منه شيئا فانما أقطع له قطعة من النار».

وكان شريح يقول للخصم انى والله لا أفضى لك وانى لأظنك ظالما ولا أقضى بالظن وانما أقضى ببينتك وان قضائى لا يحل لك حراما، الحق أحق من قضائى. وزاد فى آخرها: فليحملها أو يذرها مستدلا بقول الله عز وجل.

«وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ» (٢) فليس حكم القاضى يحل حراما ولا يحرم حلالا فى الأموال والابدان اجماعا وفى غيرها أيضا خلافا لأبى حنيفة رحمه الله تعالى فى عقد النكاح وحله.

وفى الحديث والآية دلالة على أنه ان أقيمت البينة بعد اليمين سمعت البينة وبطل الحكم الأول الذى هو تحليف المنكر وتبريئه.

وفى الديوان: اذا أراد الحاكم أن يحكم بين الخصمين فليقل: يا أيها الناس ان من قضيت له بقضاء وهو يعلم انه ليس بحق أو استحقه بخصومة أو جدال فانما أقطع له قطعة من النار فلا أعلم الغيب».


(١) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العالمى ج ١ ص ٢٤١ وما بعدها الى ص ٢٤٥، طبع بمطابع دار الكتاب العربى بمصر.
(٢) الآية رقم ١٨٨ من سورة البقرة ..