العلماء من دراسة موضوع الإمامة وأحكامها في علم الكلام وضمن كتب العقائد مع أن هؤلاء العلماء قد صرحوا في كتبهم هذه بأن موضوع الإِمامة وأحكامها من أحكام الفروع وأن مكانها هو كتب الفقه وذكرت فعلا في بعض هذه الكتب وأن الذي حملهم على إدماجها في علم الكلام وكتب العقائد ما أثاره بعض الطوائف حولها من أقوال وآراء وعقائد فاسدة وأنها أصل من أصول الدين وركن من أركانه واستباحتهم الطعن في كبار الصحابة وغير ذلك تعصبا واستهتارًا يكاد أن يؤثر على كثير من قواعد الإِسلام وعقائد المسلمين.
قال العلامة (١) سعد الدين التفتازانى في شرح المقاصد من الفصل الرابع في مباحث الإِمامة: "أنه لا نزاع في أن مباحث الإِمامة بعلم الفروع أليق لرجوعها إلى أن الإِمامة ونصب الإِمام الموصوف بالصفات المخصوصة من فروض الكنايات. وهى أمور كلية تتعلق بها مصالح دينية أو دنيوية لا ينتظم الأمر إلا بحصولها فيقصد الشارع تحصيلها في الجملة من غير أن يقصد حصولها من كل أحد ولا خفاء في أن ذلك من الأحكام العملية دون الاعتقادية .. وقد ذكرنا في كتبنا الفقهية أنه لابد للأمة من إمام يحمى الدين ويقيم السنة، وينصف المظلومين ويستوفى الحقوق ويضعها مواضعها ..
ولكن لما شاعت بين الناس في باب الإِمامة اعتقادات فاسدة واختلافات، بل اختلافات باردة.
ومالت كل فئة إلى توصيات تكاد تفضى إلى رفض كثير من قواعد الإِسلام ونقض عقائد المسلمين والقدح في الخلفاء الراشدين. لما كان الأمر كذلك الحق المتكلمون هذا الباب بأبواب علم الكلام …
وقال السيد الشريف في شرح "خطبة المواقف للعضد" أن الإمامة وإن كانت من فروع الدين إلا أنها ألحقت بأصوله دفعا لخرافات أهل البدع والأهواء وصونا للأئمة المهديين عن مطامعهم لئلا يفضى بالقاصرين إلى سواء اعتقادهم فيهم. وقال الكمال من أبى شريف في هوامش السعد على العقائد النسفيه من باب الإِمامة والتحقيق من مباحث الإِمامة الفقهيات. لكن لما شاع بين الناس اعتقادات فاسدة وظهر من أهل البدع والأهواء تعصبات فيها تكاد تفضى إلى رفض كثير من العقائد الإِسلامية، ونقض بعض العقائد الدينية والقدح في الخلفاء الراشدين - ألحقت تلك المباحث بالكلام وجعلت من مقاصده.
وإذا كانت مباحث الإِمامة وما يتعلق بها من أحكام من مسائل الفروع وأحكام فإنه يكفى في الاستدلال على الأحكام فيها الأدلة التي تفيد الظن الراجح على خلاف مسائل العقائد وأحكامها حيث لا يكفى للاستدلال فيها إلا الأدلة القطعية التي تفيد العلم واليقين.
وسنرى عند الكلام على أدلة أهل السنة والطوائف الأخرى على حكم الإِمامة ونصب الإِمام أنها في جملتها من النوع الأول على أن المقرر أن الأدلة الظنية إذا كثرت وتواردت على حكم واحد أفادت في مجموعها العلم.
[حكم الإمامة ونصب الإمام]
قال العضد في المواقف: "قد اختلفوا في أن نصب الإِمام واجب أولا، واختلف القائلون بوجوبه في طريق معرفته وعندنا أن نصب