للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثها: أن يكون مما يستضر به ضررا كثيرا كالقتل والضرب الشديد والحبس والقيد الطويلين (١).

[مذهب الظاهرية]

يرى ابن حزم أن تعريف الأكراه هو كل ما سمى فى اللغة اكراها وعرف بالحس أنه اكراه. وقسم الاكراه قسمين:

القسم الأول: اكراه على الكلام.

القسم الثانى: اكراه على الفعل.

حكم الاكراه على الكلام: يرى ابن حزم أن الاكراه على الكلام يجعل الكلام لا يجب به شئ وان قاله للمكره بالفتح كالكفر، والقذف والقرار والنكاح والانكاح والرجعة والطلاق والبيع والابتياع. والنذر والايمان والعتق والهبة واكراه الذمى الكتابى على الايمان وغير ذلك. دليل ذلك: أن المكره على القول ما هو الا حاك للفظ‍ الذى أمر بقوله: ولا شئ على الحاكى بلا خلاف ومن فرق بين الأمرين فقد تناقض قوله، وأيضا فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم:

(إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى) فصح أن كل من أكره على قول ولم ينوه مختارا له فانه لا يلزمه.

[حكم الاكراه على الفعل]

الاكراه على الفعل ينقسم قسمين:

أحدهما: فعل تبيحه الضرورة كالأكل والشرب فهذا يبيحه الاكراه لأن الاكراه ضرورة فمن أكره على شئ من هذا فلا شئ عليه لأنه أتى مباحا له اتيانه.

ثانيهما: فعل لا تبيحه الضرورة كالقتل والجراح والضرب وافساد المال. فهذا لا يبيحه الاكراه فمن أكره على شئ من ذلك لزمه القود. والضمان لأنه أتى محرما عليه اتيانه. يراجع فيما تبين الضرورة وما لا تبين مصطلح «اضرار وضرورة».

[ما يتحقق به الاكراه]

يتحقق بالوعيد بالقتل ممن لا يؤمن منه انفاذ ما توعد به وبالوعيد بالضرب كذلك وبالوعيد بالسجن كذلك وبالوعيد بافساد المال. كذلك يتحقق بالوعيد بقتل مسلم آخر أو ضربه أو سجنه أو افساد ماله يدل لذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) ولا فرق بين اكراه السلطان أو غيره كاللصوص اذ كل ذلك سواء لأن الله تعالى لم يفرق بين شئ من ذلك ولا رسوله.

[مذهب الزيدية]

تعريف الاكراه: هو سلب الاختيار والعمل بالاضطرار، وقيل الأولى فى حده: البعث على الفعل الشاق بالوعيد بانزال ضرر أو تفويت نفع والأصل فيما يترتب عليه من أحكام الكتاب والسنة. أما الكتاب فقوله تعالى: «إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ»}.

وأما السنة: فقوله صلّى الله عليه وسلّم (رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه). يجوز فعل كل محظور باكراه يصدر من القادر بوعيده اذا توعده بقتل أو قطع


(١) المغنى ج‍ ٨ ص ٢٦١ والشرح ج‍ ٨ ص ٢٤٥.