للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

واحتجوا بما روى أنه صلى الله عليه وسلم «يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد».

واختلفوا فى مقدار المد والصاع.

قال بعضهم الصاع ثمانية أرطال والمد رطلان، ولعلهم ذهبوا الى ما روى أنه صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع.

وروى عن عائشة رضى الله عنها أنها أخذت عسيا - العس - القدح الكبير يحتزر قدر ثمانية أرطال فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بمثل هذا فتوهموا أن الصاع ثمانية أرطال.

وقال آخرون ان الصاع خمسة أرطال وثلث وهو الصحيح عندى.

وقال آخرون ان عم جسده بالغسل فقد عمل ما أمر به ولو بأقل من المد والصاع ودليلهم ما روى من طريق عائشة رضى الله عنها أنها قالت اغتسلت أنا والنبى صلى الله عليه وسلم بصاع ونصف يقول: أبقى لى وأقول أبقى لى.

وهذا الحديث يدل على أن الصاع والمد ليسا بحتم فى الغسل والوضوء لأن المغتسلين من اناء واحد لا بد أن يفضل أحدهما الآخر بشئ ولأن المسح يسمى غسلا لما روى أنه اغتسل من جنابة فرأى فى بدنه لمعة لم يصبها الماء فعقر جمته - الجمة من شعر الرأس ما سقط‍ على المنكبين ثم مسحها بما قطر منها فهذا يدل على أن الماسح يسمى غاسلا ولذلك قال بعضهم اذا دهن جسده بالماء وقطر الى الأرض ثلاث قطرات أجزأه وقيل ولو قطرة واحدة أجزأه فى الغسل (١).

[كيفية الاغتسال]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية: يبدأ المغتسل فيأخذ الاناء بشماله ويكفيه على يمينه فيغسل يديه الى الرسغية ثلاثا ثم يفرغ الماء بيمينه على شماله فيغسل فرجه حتى ينقيه ثم يتوضأ وضوأه للصلاة ثلاثا ثلاثا الا أنه لا يغسل رجليه حتى يفيض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم يتنحى فيغسل قدميه.

والأصل ما روى عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت وضعت غسلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليغتسل من الجنابة فأخذ الاناء بشماله وأكفاه على يمينه فغسل يديه ثلاثا ثم أنقى فرجه بالماء وثم مال بيده الى الحائط‍ فدلكها بالتراب «والمقصود من ذلك هو التطهر وازالة النجاسة فيقوم الصابون ونحوه من المطهرات مقام التراب» ثم توضأ وضوأه للصلاة غير غسل القدمين ثم أفاض الماء على رأسه وسائر جسده ثلاثا ثم تنحى فغسل قدميه.

وهل يمسح رأسه عند تقديم الوضوء على الغسل.

ذكر فى ظاهر الرواية أنه يمسح.

وروى الحسن عن أبى حنيفة أنه لا يمسح لأن تسييل الماء عليه بعد ذلك يبطل معنى المسح فلم يكن فيه فائدة بخلاف سائر الأعضاء لأن التسييل معه بعد لا يبطل التسييل من قبل.

والصحيح جواب ظاهر الرواية لأن السنة وردت بتقديم الوضوء على الافاضة على جميع البدن على ما روينا والوضوء اسم للمسح والغسل جميعا، الا أنه يؤخر غسل القدمين لعدم الفائدة فى تقديم غسلهما لأنهما يتلوثان بالغسالات من بعد حتى أنه لو اغتسل على موضع لا يجتمع الغسالة


(١) كتاب الايضاح للامام الشيخ عامر بن على شماخى مع حاشية الشيخ عبد الله ابن سعيد السدويكشى ج‍ ١ ص ١٣٩ طبع مطبعة الشيخ محمد بن يوسف البارونى وشركاه بمصر سنة ١٣٠٤ هـ‍.