للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما يقتضى فسخها حكما على ما تقدم أو يوجد ما يدل على الرجوع عن الوكالة فاذا وكله فى طلاق امرأته ثم وطئها انفسخت الوكالة لأن ذلك يدل على رغبته فيها واختيار لامساكها.

وكذلك لو وطئ الرجعى كان ارتجاعا لها فاذا اقتضى رجعتها بعد طلاقها فلان يقتضى استبقاؤها على نكاحها ومنع طلاقها وأن باشرها دون الفرج أو فعل ما يحرم على غير الزوج فهل تنفسخ الوكالة فى الطلاق يحتمل وجهين بناء على الخلاف السابق فى حصول الرجعة به وان وكله فى بيع عبد ثم كاتبه أو دبره انفسخت الوكالة لأنه على احدى الروايتين لا يبقى محلا للبيع.

وعلى الرواية الأخرى تصرفه فيه بذلك يدل على أنه قصد الرجوع عن بيعه وان باعه بيعا فاسدا لم تبطل الوكالة لأن ملكه فى العبد لم يزل ذكره ابن المنذر (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى أن فعل الوكيل نافذ فيه أمر به الموكل لازم للموكل ما لم يصح عنده أن موكله قد عزله فاذا صح ذلك عنده لم ينفذ حكمه من حينئذ ويفسخ ما فعله وأما كل ما فعله مما أمر به الموكل من حين عزله الى حين بلوغ الخبر اليه فهو نافذ طالت المدة بين ذلك أو قصرت.

وهكذا القول فى عزل الامام للأمير وللوالى وللقاضى وفى عزل هؤلاء لمن جعل اليهم أن يولوه ولا فرق لأن عزله بغير أن يعلمه بعد أن ولاه وأطلقه على البيع وعلى الابتياع وعلى التذكية والقصاص والانكاح لمسماة ومسما خديعة وغش قال الله تعالى:

«يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلاّ أَنْفُسَهُمْ»}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا فعزله له باطل الا أن يقول أو يكتب اليه ويوصى اليه اذا بلغك رسولى فقد عزلتك فهذا صحيح لأن له أن يتصرف فى حقوق نفسه كما يشاء فاذا بلغه فقد صح عزله وليس للخصم أن يمنع من يخاصمه من عزل وكيله وتولية آخر لأن التوكيل فى ذلك قد صح ولا برهان على أن للخصم منعه من عزل من يشاء وتولية من شاء فان قيل أن فى ذلك ضررا على الخصم قلنا لا ضرر عليه فى ذلك أصلا بل الضرر كله هو المنع من تصرف المرء فى طلب حقوقه بغير قرآن أوجب ذلك ولا سنة وهذا هو الشرع الذى لم يأذن الله تعالى به (٢).

والوكالة تبطل بموت الموكل بلغ ذلك الى الوكيل أو لم يبلغ بخلاف موت الامام فانه ان مات فلا ولاة لهم نافذة أحكامهم حتى يعزلهم الامام الوالى وذلك لقول الله تعالى:

«وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها» والمال قد انتقل بموت الموكل الى ورثته فلا يجوز فى مالهم حكم من لم يوكله وليس كذلك الامام لأن المسلمين لا بد لهم ممن يقوم بأمرهم وقد قتل أمراء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ورضى عنهم بمؤتة كلهم فتولى الأمر خالد بن الوليد من غير أن يؤمره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى رجع بالمسلمين وصوب عليه السّلام ذلك وقد مات عليه السّلام وولاته باليمن ومكة والبحرين وغيرها فنفذت أحكامهم قبل أن يبلغهم موته عليه


(١) المرجع السابق ج‍ ٥ ص ٢١٨ الطبعة المتقدمة
(٢) المحلى لابن حزم ج‍ ٨ ص ٢٤٦ مسألة رقم ١٣٦٥