للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مؤجلة فالمذهب أن الديون المؤجلة عليه لا تحل بالحجر عليه. كما لا تحل بموته لأنه لا وجه لسقوط‍ الأجل. لكن إذا قسم مال المفلس عزل نصيب أصحاب الديون المؤجلة الى وقت حلولها ثم يدفع لهم، ولا يمكن منها من عليه الدين. وانما كان كذلك لأن الدين المؤجل قد دخل ضمنا فى الحجر فكان كالحال، ولا ستوائهم جميعا فى تعلق حقهم بذمته، وسواء فى ذلك الموت والحجر بسبب الافلاس. واذا رأى القاضى مصلحة فى قضاء أصحاب الديون المؤجلة فله ذلك، وقد ذكر معنى ذلك فى السحولى قال: «ويكون تسليمه الى الدائنين أو تبقيته الى حلول الأجل خاضعا لنظر القاضى فى الأصح» وخالف فى هذا الفقية يحيى بالنسبة للافلاس حال الحياة فقال: يقسم مال المفلس على اصحاب الديون الحالة فقط‍، ولا يعزل للدين المؤجل شئ بل يبقى فى ذمة المفلس الى وقت حلولة، بخلاف ما اذا مات فانه يعزل للدين المؤجل حصته على ما ذكر، لأن الميت لا ذمة له. واذا أسقط‍ المديون المفلس حقه فى التأجيل سقط‍ وحل الدين لأن التأجيل تأخير مطالبة لا صفة (١) ولا يطالب المديون بدين مؤجل قبل حلول الأجل ولا كفيل ولو أراد سفرا (٢).

[مذهب الإمامية]

اذا حجر القاضى على المفلس لافلاسه بالديون الحالة فلا تحل الديون المؤجلة عليه بذلك على الأصح، لأن المقصود من التأجيل التخفيف ليكتسب فى مدة الأجل، ولأنه، دين مؤجل على حى فلا يحل قبل أجله كغير المفلس. وتقسم أموال المفلس - بناء على ذلك - أصحاب الديون الحالة، ولا يدخر شئ لاصحاب الديون المؤجلة التى لم تحل حالة القسمة حتى ولو كان فى الديون المؤجلة ثمن مبيع قائم عند المفلس فلا حق لصاحبه فيه بل يقسم على باقى الدائنين. ولا يستمر الحجر على المفلس بعد القسمة لاصحاب الديون المؤجلة. فاذا حل الاجل بعد فك الحجر عنه ابتدئ الحجر عليه ان كان فى يده شئ لا يفى بما عليه. ولو حل الدين المؤجل بعد قسمة بعض مال المفلس فان صاحبه يشارك الدائنين فى الباقى من مال المفلس فيأخذ منه بنسبة دينه كله، ويأخذ باقى الدائنين منه بنسبة بقية ديونهم. وهذا كله فى الافلاس حال حياة المفلس أما اذا مات المديون بديون مؤجلة فانها تحل عليه اتفاقا. سواء كان محجورا عليه لافلاسه أم لا، وسواء وثق الورثة الدائن برهن ونحوه أم لا. وسواء فى ذلك مال السلم والدية المؤجلة

والفرق هو تضرر ورثة البيت ان منعوا من التصرف فى التركة الى أن يحل الدين المؤجل عليه وتضرر صاحب الدين ان لم يمنع الورثة من ذلك.

ولأن الميت لا يتوقع منه الاكتساب فضلا عن أن ذمته قد بطلت تماما بخلاف المفلس فان ذمته باقية.

وقال ابن الجنيد: تحل الديون المؤجلة على المفلس الحى أيضا بالحجر عليه قياسا على الميت، وهو ضعيف لما ذكر من الفرق بينهما. وكذلك لا يحل الدين المؤجل الذى يكون للمفلس على غيره بافلاسه هذا والحجر عليه على الأقوى. وقال ابن الجنيد:

يحل أيضا. أما اذا مات المديون ولو مفلسا وله ديون مؤجلة على آخرين فانها لا تحل بالاجماع (٣).

[مذهب الإباضية]

قال صاحب المنهاج: أجمعوا على أن الدين المؤجل لا يحل بالافلاس. قال صاحب شرح النيل: وقوله وذا مصروف إلى غير الموت فيحل الدين المؤجل به (٤)


(١) شرح الازهار ج ٤ ص ٢٩٠ - ٢٩١ الطبعة السابقة، التاج المذهب ج ٤ ص ١٦٦ - ١٦٧ الطبعة السابقة، البحر الزخار ج ٥ ص ٩٢ الطبعة السابقة.
(٢) البحر الزخار ج ٥ ص ٨٠ الطبعة السابقة
(٣) مفتاح الكرامة ج ٣ ص ٣١٣، ٣٤٣ الروضة البهية ج ١ ص ٣٤٣ وما بعدها شرائع الإسلام ج ١ ص ٢٠٢
(٤) شرح النيل ج ٧ ص ١٦٤