للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يحتمله سواء كان مطلقًا أو معلقًا بشرط أو مخصوصًا بصفة إلا أن الأمر بالفعل يقع على أقل جنسه وهو أدنى ما يعد به ممتثلًا ويحتمل كل الجنس بدليل وهو النية.

وذلك لأن الأمر يدل على مصدر مفرد والمفرد لا يقع على العدد بل على الواحد حقيقة.

وهو المتيقن فيتعين، أو اعتبارًا أعنى المجموع من حيث هو مجموع فإنه يقال: الحيوان جنس واحد من الأجناس والطلاق جنس واحد من التصرفات وكثرة الأجزاء أو الجزئيات لا تمنع الوحدة الاعتبارية وهو محتمل فلا يثبت إلا بالنية.

[٢ - الكمال بن الهمام]

إن الصيغة لمطلق الطلب لا يقيد مرة ولا تكرار ولا تحتمله وهو المختار عند الحنفية (١) ثم نقل أن كثيرًا من الأصوليين قال إنه للمرة وعلق على ذلك ابن أمير الحاج بأنه منسوب إلى أكثر الشافعية وأن الإسفراييني يقول "إنه مقتضى كلام الشافعي وأنه الصحيح الأشبه بمذاهب العلماء" ثم يستدرك عليه بما يقوله السبكى من أن "النقلة لهذا المذهب عن أصحاب الشافعي لا يفرقون بينه وبين الرأى المختار. وليس غرضهم إلا نفى التكرار والخروج عن العهدة بالمرة ولهذا لم يحك أحد منهم المذهب المختار مع حكاية هذا فهو عندهم هو هو".

وبعد أن استوفى الكمال وشارحه نقل المذاهب المختلفة بمثل ما سبق إيراده انتقل إلى إيراد أدلة المذهب المختار فقال:

دليلنا "إطباق أهل العربية على أن هيئة الأمر لا دلالة لها إلا على الطلب في خصوص زمان وخصوص المطلوب من قيام وقعود وغيرهما إنما هو من المادة ولا دلالة لها على غير مجرد الفعل فلزم من مجموع ذلك أن تمام مدلول الصيغة طلب الفعل فقط والبراءة بمرة لوجوده أي والخروج عن عهدة الأمر بفعل المأمور به مرة واحدة لضرورة إدخاله في الوجود لأنه لا يوجد بأقل منها فاندفع دليل المرة وهو أن الامتثال يحصل بالمرة فيكون الأمر موضوعًا لها بهذا.

[٣ - ابن السبكى والمحلى]

أورد ابن السبكى وشارحه المحلى مذاهب العلماء التي سبق إيرادها ثم قال المحلى (٢):

"ومنشأ الخلاف استعمال الأمر فيهما كأمر الحج والعمرة وأمر الصلاة والزكاة والصوم فهل هو حقيقة فيهما لأن الأصل في الاستعمال الحقيقة أو في أحدهما حذرًا من الاشتراك ولا نعرفه أو هو للتكرار لأنه الأغلب أو المرة لأنها المتيقن أو في القدر المشترك بينهما حذرًا من الاشتراك والمجاز وهو الأول الراجح".

وهو يشير بذلك إلى القول الذي أورده مع المصنف من أن الأمر لطلب الماهية لا لتكرار ولا مرة والمرة ضرورية إذ لا توجد الماهية بأقل منها فيحمل عليها.

رابعًا: الحنابلة:

بعد أن أورد صاحب روضة الناظر مذاهب


(١) التقرير والتحبير جـ ١ ص ٣١١.
(٢) جمع الجوامع.